مصر ترسل خطاباً للأمم المتحدة بشأن سد النهضة... ما الجديد؟

مصر ترسل خطاباً للأمم المتحدة بشأن سد النهضة... ما الجديد؟


30/07/2022

في حين تصمّ إثيوبيا أذنيها، وتحاول جاهدة إفشال أيّ مقترح لحل القضايا الخلافية حول سد النهضة مع دولتي المصب مصر والسودان، وجّهت وزارة الخارجية المصرية أمس خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لتسجيل اعتراضها ورفضها التام لاستمرار إثيوبيا في ملء سد النهضة بشكل أحادي دون اتفاق مع مصر والسودان.

ووفقاً لبيان للوزارة على صفحتها الرسمية على فيسبوك، وجّه وزير الخارجية سامح شكري أمس الخطاب إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، معتبراً أنّ استمرار إثيوبيا في ملء سد النهضة بشكل أحادي دون اتفاق مع مصر والسودان حول قواعد الملء والتشغيل "مخالفة صريحة" لاتفاق إعلان المبادئ المبرم عام 2015، وأنّه انتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، والتي تلزم إثيوبيا، بوصفها دولة المنبع، بعدم الإضرار بحقوق دول المصب.

وجهت الخارجية المصرية خطاباً إلى مجلس الأمن الدولي لتسجيل رفضها التام لاستمرار إثيوبيا في ملء سد النهضة أحادياً

وأشار شكري إلى أنّ مصر قد سعت خلال المفاوضات التي جرت على مدار الأعوام الماضية للتوصل إلى اتفاق عادل ومنصف حول سد النهضة، إلا أنّ إثيوبيا أفشلت كافة الجهود والمساعي التي بذلت من أجل حلّ هذه الأزمة.

 لا تهاون

في حين أكد شكري تمسك مصر بضرورة التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة يحقق المصالح المشتركة للدول الـ3، شدّد على أنّ بلاده "لن تتهاون مع أيّ مساس بحقوقها أو أمنها المائي أو أيّ تهديد لمقدرات الشعب المصري الذي يمثل نهر النيل شريان الحياة الأوحد له."

وقد دعا وزير الخارجية مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته في هذا الشأن، بما في ذلك من خلال التدخل لضمان تنفيذ البيان الرئاسي الصادر عن المجلس، والذي يلزم الدول الـ3 بالتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة في أقرب فرصة ممكنة.

وفي هذا الصدد، صرّح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أنّ مصر كانت قد تلقت رسالة من الجانب الإثيوبي في 26 تموز (يوليو) الجاري تفيد باستمرار إثيوبيا في ملء خزان سد النهضة خلال موسم الفيضان الجاري، وهو الإجراء الذي ترفضه مصر وتعتبره مخالفة للالتزامات التي يفرضها القانون الدولي على إثيوبيا.

وفي رسالة تحذيرية، أكد البيان احتفاظ مصر "بحقها الشرعي المكفول في ميثاق الأمم المتحدة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان وحماية أمنها القومي، بما في ذلك إزاء أيّ مخاطر قد تتسبب بها مستقبلاً الإجراءات الأحادية الإثيوبية."

شكري أكد أنّ بلاده لن تتهاون مع أيّ مساس بحقوقها أو أمنها المائي، أو أيّ تهديد لمقدرات الشعب المصري

احتفاظ مصر بـ"حقها الشرعي المكفول في ميثاق الأمم المتحدة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان وحماية أمنها القومي" يعيد إلى الواجهة تحذير مصر من أنّ التعنت الإثيوبي المتمثل في إفشال كافة المحاولات الرامية لحل القضايا الخلافية وتوقيع اتفاقية ملزمة قانونياً حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة قد يؤدي إلى عدم استقرار في المنطقة بأكملها.

وكان الرئيس السيسي قد قال بنبرة حاسمة، خلال افتتاحه مشروعات إنتاج حيواني في محافظة المنوفية في 13 حزيران (يونيو) الماضي: "كلامي مش كتير... محدش حيقرب من مياه مصر"، رداً على بدء إثيوبيا الملء الثالث لسد النهضة.

وفي نهاية آذار (مارس) 2021، شدد الرئيس السيسي على أنّ حصة مصر في مياه النيل "خط أحمر"، في تحذير فسّره الكثيرون على أنّه إيذان بعمل عسكري ضد سد النهضة.

واحتراماً لتطلعات أديس أبابا للتنمية والرخاء الاقتصادي، اقترحت مصر والسودان، خلال المفاوضات التي استمرت أكثر من عقد دون أيّ نتيجة أو اختراق يُذكر، "نهجاً تعاونياً" لإدارة وتشغيل السد، بعيداً كلّ البعد عن القرارات الأحادية، غير أنّ إثيوبيا رفضت التجاوب مع المقترحات التعاونية، وعرضت مقترحاً ينص على التفاوض سنوياً على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة وحصص دولتي المصب، وسط فيض من التصريحات لمسؤولين إثيوبيين ومواطنين يؤكدون فيها أنّ النيل "ملكهم"، وأنّ سد النهضة مبني على أرض إثيوبية، ولا يحق لمصر أو السودان التدخل في إدارته.

ويعتمد المقترح المصري السوداني على أن تكون فترة ملء خزانات السد أطول من الفترة التي تقترحها إثيوبيا، لتجنب الإضرار بحصص دولتي المصب، لكنّ ذلك لم يحظَ بموافقة إثيوبيا أيضاً.

وتوقفت المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا مطلع العام الماضي بعد جدال طويل أشعلته تصريحات الجانب الإثيوبي، وعزا مراقبون توقف المفاوضات إلى (3) أسباب رئيسية هي: أوّلاً، حرب إثيوبيا على إقليم تيغراي وأورومو والنزاعات الداخلية التي تشهدها أديس أبابا، والثاني متعلق بأحداث السودان واستقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، أمّا السبب الثالث، فمتعلق بانتهاء رئاسة دولة الكونغو الديمقراطية لرئاسة الاتحاد الأفريقي. وكانت آخر جولة من المفاوضات قد عُقدت في كينشاسا في الكونغو، غير أنّها باءت بالفشل لتمسك إثيوبيا بموقفها.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية