أعلاف الحيوانات والطيور طعام المحاصرين شمال قطاع غزة

 أعلاف الحيوانات والطيور طعام المحاصرين شمال قطاع غزة

أعلاف الحيوانات والطيور طعام المحاصرين شمال قطاع غزة


كاتب ومترجم فلسطيني‎
10/03/2024

أجبر أكثر من (600) ألف مواطن ممّن تبقوا في مدينة غزة وشمالها على اتخاذ أعلاف الحيوانات والطيور السبيل الوحيد أمامهم لإنتاج الخبز، بعد استمرار الجيش الإسرائيلي في تشديد الحصار الخانق واستخدام سلاح التجويع ضد المواطنين، حيث يعمل السكان هناك على طحن الشعير وكسبة الطيور وعجنها لإنتاج الخبز، في محاولة لسد رمق جوعهم، مع تعرض المئات من المواطنين، وخاصة الأطفال وكبار السن، للموت نتيجة الجوع وسوء التغذية ونفاد القمح.

وتفرض إسرائيل حصاراً خانقاً على مناطق شمال قطاع غزة، حيث يحرم السكان من الحصول على الطحين الذي بات مفقوداً من داخل مناطق شمال غزة منذ أكثر من (3) أشهر على التوالي، وذلك ضمن سياسة الإبادة الجماعية التي تنتهجها إسرائيل ضد السكان بهدف قتلهم، إلى جانب القصف المتواصل من الجو والبر والبحر، حيث تعمدت إسرائيل قبل أيام قليلة قتل المئات من المواطنين الذين انتظروا وصول شاحنات محملة بالطحين على دوار النابلسي على ساحل بحر مدينة غزة، وارتكبت بذلك مجزرة الطحين بعد اختلاط دماء الجوعى بأكياس الطحين.

ورغم مناشدات السكان في غزة بضرورة إيصال الغذاء لهم، إلا أنّ الجهود المبذولة من قبل دول  تحاول تحريك جسر جوي والعمل على إسقاط المواد الغذائية لسكان شمال غزة جواً غير كافية ولا تسد المحاولات جوع شريحة كبيرة من السكان، نتيجة صعوبة الحصول على تلك المساعدات التي تسقط غالبيتها داخل مياه البحر، وهذا يتطلب من الدول ضرورة وجود ضغط على إسرائيل، للسماح بإدخال الشاحنات العالقة على معابر غزة وحماية المواطنين من خطر الموت جوعاً.

تفرض إسرائيل حصاراً خانقاً على مناطق شمال قطاع غزة

ووفق المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، فإنّ مناطق شمال قطاع غزة تشهد مجاعة حقيقية في ظل استخدام إسرائيل الجوع كسلاح ضد المدنيين، في ظل فشل المجتمع الدولي في ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل لوقف الإبادة الجماعية، وقد وصف المركز الممارسات الإسرائيلية بأنّها مخالفة للقانون الدولي، مطالباً حلفاء إسرائيل بالعمل الجاد على الضغط من أجل فتح ممرات إنسانية لتدفق المساعدات الغذائية والطبية للقطاع وبالتحديد مناطق شمال غزة.

من جهته قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة خلال تصريحات صحافية: إنّ أكثر من ( 500) ألف مواطن فلسطيني يعيشون مجاعة حقيقية في محافظة شمال قطاع غزة مع نفاد الدقيق الخاص بإنتاج الطحين، وقال المكتب إنّ محافظة شمال غزة بحاجة إلى (300) شاحنة غذاء يومياً للخروج من حالة الجوع، محذراً من مساعي الجيش الإسرائيلي المتعمدة والمقصودة لإيقاع مجاعة حقيقية في مدينة غزة وشمالها، في ظل تسجيل وفاة حالات عدة في صفوف المواطنين نتيجة سوء التغذية والجوع.

رغم مناشدات السكان في غزة بضرورة إيصال الغذاء لهم، إلا أنّ الجهود المبذولة من قبل دول  تحاول تحريك جسر جوي والعمل على إسقاط المواد الغذائية لسكان شمال غزة جواً غير كافية ولا تسد المحاولات جوع شريحة كبيرة من السكان

داخل حي الرمال المكتظ بآلاف السكان وسط مدينة غزة، تنتشر المجاعة بين أوساط المواطنين الذين يأكلون أوراق الشجر نتيجة نفاد كافة الخيارات أمامهم لسد رمق جوعهم، ولم يسبق أن تعرض المواطنون لهذا الواقع السيّئ من قبل، ولم يسبق في العالم أن تعرض شعب لمثل هذه المجاعة التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين في غزة.

في أحاديث منفصلة لمراسل (حفريات)، عبّر عدد من المواطنين عن بالغ استيائهم من وصول الحال بهم إلى أكل طعام الحيوانات لسد جوعهم، بعد فرض إسرائيل لحصار هو الأشد على الإطلاق على مدار تاريخ الصراع، وما يزيد قهر المواطنين هو التواطؤ الدولي في ظل تجاهل المناشدات المطالبة بضرورة إيجاد حل سريع لوقف الوضع السيّئ الذي يمر به المواطنون العزل.

المواطن زايد خليل "يبحث ليل نهار عن القليل من الطحين متنقلاً من منطقة إلى أخرى تحت أزيز الطائرات وخطر التعرض للموت، من أجل إنقاذ حياة أبنائه الذين يتضورون جوعاً بسبب نفاد كافة المواد الغذائية، حتى أنّ مياه الشرب باتت مفقودة من داخل الحي الذي يسكنه وباقي المناطق في شمال القطاع، ونتيجة لضيق الحال وصعوبة الحصول على الطحين، أجبر على طحن حبوب الشعير من أجل إنتاج القليل من الخبز".

 أعلاف الحيوانات والطيور السبيل الوحيد أمامهم لإنتاج الخبز

وأوضح في حديثه لـ (حفريات) أنّ "إنتاج الخبز من بذور الشعير المخصص للحيوانات طعمه سيّئ للغاية، وفي كثير من الأوقات لا يتقبله أطفاله، وهذا زاد من تأزم أوضاع المواطن خليل، الذي بات عاجزاً عن توفير الطعام الجيد لأطفاله، والخشية تزداد لديه من فقدان أطفاله الحياة أمام عينيه، في ظل التدهور الحاد الذي بات يظهر على صحة أفراد عائلته، ولا سيّما الأطفال منهم".

وبيّن أنّ "المساعدات التي تم إسقاطها جواً خلال الأيام الماضية لم تنقذ المواطنين من حالة الجوع التي يعانون منها، نتيجة إسقاطها في مناطق بعيدة عن منازل المواطنين، وسقوط عدد كبير منها داخل مياه البحر بفعل الرياح الشديدة والتقلبات الجوية، وبالتالي صعوبة الوصول للحصول عليها في ظل تمركز البوارج الحربية قبالة سواحل قطاع غزة، وإطلاقها النار بشكل كثيف على كل من يحاول الحصول على الطعام والمساعدات".    

في سياق ذلك حذر رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الحقوقي صلاح عبد العاطي من "استمرار إسرائيل في سياسة التطهير العرقي بحق المدنيين العزل في شمال قطاع غزة، من خلال استخدام  الجوع كسلاح، وتعريض المواطنين للقتل والهلاك بفعل الجوع والعطش وانتشار الأمراض الخطيرة والمعدية بين السكان".

المساعدات التي تم إسقاطها جواً خلال الأيام الماضية لم تنقذ المواطنين من حالة الجوع التي يعانون منها، نتيجة إسقاطها في مناطق بعيدة عن منازل المواطنين

ولفت في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّ "إسرائيل تعاقب من تبقى من السكان في مناطق شمال غزة بالقتل جوعاً، بعد رفضهم الامتثال إلى أوامر الجيش بالنزوح تحت القصف إلى مناطق جنوب قطاع غزة منذ بداية الحرب على قطاع غزة، ورغم الجوع القاتل يرفض الآلاف من السكان العزل الخروج نحو مناطق الجنوب، والبقاء في منازلهم حتى لو كلف ذلك فقدان حياتهم". 

وثمّن عبد العاطي "الجهود الدولية والعربية الرامية إلى تخفيف الحصار المفروض على المواطنين شمال قطاع غزة، والبدء بإنشاء جسر جوي لإسقاط المساعدات على القطاع، في ظل الحاجة الماسة للسكان في شمال القطاع الذين يواجهون مجاعة حادة وغير مسبوقة في تاريخ البشرية، مطالباً تلك الدول بالعمل على تدشين جسر بري وبشكل سريع، من أجل العمل على إدخال المزيد من المساعدات لإغاثة المنكوبين في مدينة غزة".  

وتواصل إسرائيل شن حربها المستعرة للشهر السادس على التوالي على قطاع غزة، مرتكبةً المزيد من المجازر والإبادة بحق المدنيين العزل، ولا سيّما الأطفال والنساء منهم، وسط صمت دولي وعجز عربي عن لجم إسرائيل عن مواصلة قتل المزيد من المواطنين، وإدخال المساعدات الغذائية إلى النازحين الجوعى الذين يواجهون ظروفاً هي الأصعب على الإطلاق. 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية