الإمارات والسعودية.. تناغم في الرؤى يبطل "سهام الأعداء"

الإمارات والسعودية.. تناغم في الرؤى يبطل "سهام الأعداء"


18/07/2022

هاجر الدسوقي- محمد بصيلة - علي الحوفي

بـ"العناق" والضحكات والأحاديث الجانبية كانت صور ولي عهد السعودية والشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، تزين قمم جدة، لتكشف عن علاقة أزلية.

تلك العلاقة والتي حاول كثيرون وتنظيمات إخوانية العزف على أوتار التشكيك فيها وإثبات عكس واقعها، لم يلبث أي محفل وطني أو أي موقف جمعي من توجيه رسائل صادمة لها، وإثبات أن رؤى البلدين موحدة ضد قضايا الأمة والمنطقة.

آخر تلك الرسائل التي وجهت ضربة قاصمة، ما التقطته عدسات المصورين من لحظة وصول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات إلى جدة، حيث تعقد القمة العربية الخليجية الأمريكية، ليجد ترحابًا منقطع النظير، من قبل ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.

عناق أخوي

وبحسب اللقطات التي وثقتها عدسات المصورين، فإن ولي عهد السعودية استقبل رئيس الإمارات بعناق أخوي وبابتسامات عفوية كشفت عن مدى الترحاب الذي قوبل به الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في بلده الثاني المملكة.

ولم تقتصر الصور التي كانت مروية بـ"حب الإخوة" على الاستقبال فحسب؛ بل إن عدسات المصورين التقطت أحاديث جانبية وضحكات متبادلة بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان على هامش قمة جدة.

وفي لقطة وصفت بأنها "مميزة"، جاءت صورة لتجمع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات مع ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، رفقة وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وهم يشاهدون صورة على ما يبدو على هاتف أحدهم، كانت بمثابة "الصاعقة" التي دوت على رؤوس المشككين في علاقة البلدين.

ورغم تلك اللقطات إلا أنها لم تكن الوحيدة التي وجهت صفعة على وجه تنظيم الإخوان وأذنابه؛ بل إن مواقف البلدين تجاه القضايا الإقليمية والدولية كانت متسقة ومتناغمة.

اتساق المواقف

مواقف البلدين، بدت موحدة في موقفها من إيران؛ ففيما تجري الرياض وطهران مفاوضات لاستكشاف طريق لعودة العلاقات بين البلدين، كانت الإمارات تقف على الخط نفسه من البلد الآسيوي.

الأمر نفسه بدا واضحًا في موقف البلدين تجاه التقارير التي أثيرت خلال الفترة الماضية، حول تشكيل ناتو عربي يكون موجهًا ضد إيران؛ فالمستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش، قال إن أبوظبي لن تكون ليست منفتحة على إنشاء محور ضد أي دولة في المنطقة خاصة إيران.

وأوضح قرقاش، في تصريحات صحفية بثت قبل يوم من قمة جدة، أن الإمارات لن تكون جزءا من "محور" ضد إيران، مؤكدًا أن أبوظبي تعمل على إرسال سفير إلى طهران مع سعيها لإعادة بناء العلاقات معها.

الموقف الإماراتي جاء متسقًا مع الخطوات التي تقوم بها المملكة العربية السعودية لإعادة العلاقات مع إيران، عبر مفاوضات يرعاها العراق، وأدت إلى تطورات "إيجابية" في هذا الصدد، خرجت الأنباء عنها إلى العلن قبل أشهر.

وفي تطابق للمواقف، كانت التصريحات السعودية على تناغم مع الموقف الإماراتي؛ فوزير خارجية الرياض الأمير فيصل بن فرحان، قال إن يد بلاده ممدودة إلى إيران للوصول إلى علاقات طبيعية.

الحل الدبلوماسي

ورغم أنه أكد في تصريحات صحفية، أن البلدين لم يتوصلا إلى تفاهمات بعد، إلا أنه قال إنه يعتقد أن "الحل الدبلوماسي هو الحل الوحيد في نهاية المطاف" بالنسبة للملف النووي الإيراني.

وحول ما يعرف بـ"الناتو العربي"، قال وزير الخارجية إنه "لا يوجد شيء اسمه ناتو عربي، وهذا غير مطروح، لكن طرحت المملكة العربية السعودية منذ تقريبا خمس سنوات تكوين منظومة دفاع عربي مشترك".

وحول علاقة البلدين، قال الكاتب والمحلل السياسي الإماراتي خضر الأشتر النخعي، في تغريدة عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إنه اتضح جلياً أن الإمارات والسعودية هما مرتكز وقاعدة صلبة وأمل الأمة العربية والإسلامية في بناء استراتيجية تعتمد على الندية والاعتدال في العلاقات الدولية، نحو مستقبل أفضل.

وأكد المحلل السياسي، أنه بهذين القطبين سترتفع الهامات إلى عنان السماء دون توجس من "سهام الأعداء".

راسخة ومتجذرة

من جانبه، قال فهد الديباجي المحلل السياسي السعودي في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن العلاقات السعودية الإماراتية أثبتت أنها راسخة ومتجذرة، مشيرًا إلى أن التاريخ يحكي عن علاقة استثنائية ومميزة بين قيادتي البلدين وشعبيهما عززتها روابط الدم والمحبة والإرث والمصير الواحد والتفاهم المشترك، وكيف أصبح تحالف البلدين ركيزة أساسية للعمل الخليجي والعربي الموحد.

وأكد المحلل السياسي، أن محور الرياض وأبوظبي نجح في رسم أرض صلبة لمعالجة أوضاع الدول العربية من خلال التصدي لمخططات الإسقاط، مشيرًا إلى أن قمة جدة ونتائجها ثمرة لهذا التحالف، وبداية لتاريخ جديد للمنطقة يكتبه أبناؤها بأنفسهم.

وأشار إلى أن التناغم السياسي ظهر أيضا بوضوح في المواقف من القضايا الساخنة التي عملت عليها كلتا الدولتين، بعد التغيرات المتسارعة في المنطقة.

وأكد المحلل السياسي السعودي، أن البلدين ليسا ضمن أي تحالف يستهدف أحدًا وخصوصًا إيران، مشيرًا إلى أنها دولة جارة عليها فقط التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية العربية وتهديد أمنها.

ورغم ذلك، إلا أنه قال إن البلدين منفتحان دائمًا على أي مبادرة لتخفيف حالة الاحتقان في المنطقة، وإحداث حالة من الاستقرار والسلام، مما يجعل العلاقات السعودية الإماراتية محصنة.

الانفتاح على المبادرات

اتفق مع الديباجي الكاتب والمحلل السياسي السعودي، الدكتور مبارك العاتي، والذي قال إن العلاقات السعودية الإماراتية تناغمت في معالجة كثير من ملفات المنطقة ورصدت توحد البوصلة بين الرياض وأبوظبي حيال القضايا الأمنية والاقتصادية للمنطقة والعالم.

وأضاف العاتي في تصريحات لــ"العين الإخبارية" أن البلدين منفتحان على أي مبادرة من شأنها تخفيف حالة الاحتقان في المنطقة وفتح آفاق للتفاهم والتقارب ومد جسور من المشاورات التي تؤدي إلى إنهاء الخلافات والسيطرة عليها.

وشدد المحلل والكاتب السياسي السعودي على أن موقف البلدين ظهر جليًا حيال التعاطي مع ما يمثله السلوك الإيراني خاصة بعد قمة جدة.

كما أرجع المحلل السياسي البحريني عبدالله الجنيد، حالة التناغم الإماراتي السعودي إلى ما أسماه الجغرافيا المتصلة التي أنتجت تاريخ إنساني مشترك. 

وفي تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" يقول الجنيد إن :"توحيد السعودية على يد المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود أحد أهم الأحداث السياسية في منطقة الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى، كما يعد الإعلان عن الإمارات العربية المتحدة على يد  الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه من الأباء المؤسسين لدولة الإمارات، النموذج السياسي الآخر الذي قدمته المنطقة للعالم بعد توحيد شبه الجزيرة العربية". 

ويضيف:" أثبت التاريخ الحديث أهمية ما لتكاملهما الاستراتيجي من أهمية في درء مصادر التهديد لعموم المنطقة، وتقديمهما نموذجين متقدمين في التنمية الاستراتيجة، والتحول الاقتصادي، والتحول الاجتماعي".

ويرى المحلل السياسي البحريني أن "النجاحات المشتركة والمنفردة للإمارات والسعودية في الملفات السياسية الكبرى نتيجة دبلوماسية البلدين، أحد أهم نماذج التعاون المشترك والتكافلي بين مجموعة مجلس التعاون".

ومدللا على نجاحات تعاون الإمارات والسعودية المشترك قال: "مثال ذلك تحقيقهما أكبر اختراق في ملف القضية الفلسطينية، بعد اقناع غالبية الدول الاوروبية بالاعتراف بدولة فلسطين، نهايك عن الحيلولة دون عزل مصر سياسيا بعد ثورة التصحيح في ٢٠١٣".

واستكمل: "أيضا حجم التكامل والتناغم بين الدولتين كان حيويا في تنظيم وانعقاد مؤتمر برلين حول ليبيا في ٢٠٢٠، كما نكاملت الدولتين في ضمان واستقرار أسواق الطاقة".

ومتطرقا لقمة جدة وما أظهرته من تناغم مشترك بين الدولتين، يقول الجنيد: "أثبتت قمة جدة أهمية ذلك الدور في استقرار أسواق الطاقة وكذلك قيادة التحول الدولي إلى الطاقة المتجددة بما في ذلك الهيدروجين الأخض".

ووفق المحلل السياسي البحريني فإن "الجغرافيا المتصلة بين الإمارات والسعودية تاريخا وانسانيا، ستستمر في تقديم النماذج المستقبلية وستتصاعد مكانتهما بين كبار العالم.

احتفاء بتويتر

العلاقة بين البلدين تفاعل معها المغردون عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ مؤكدين أن العلاقة بين البلدين تاريخية وأزلية، مشيرين إلى أن الصور التي خرجت عن القمة خير دليل على ذلك.

وقال حساب يدعى ذياب الراشدي أشاد بحفاوة استقبال ولي عهد السعودية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قائلا: "الابتسامات تغنيك عن أي تعليق أو كلمة .. السعودية والإمارات الله يديمهم لنا ويحفظ دولنا ويعطينا الأمن والامان والاستقرار، دامهم بخير".

عن "العين" الإخبارية

الصفحة الرئيسية