بعد بيان القيادة العامة للجيش الليبي... هل يسلم الدبيبة السلطة؟

بعد بيان القيادة العامة للجيش الليبي... هل يسلم الدبيبة السلطة؟

بعد بيان القيادة العامة للجيش الليبي... هل يسلم الدبيبة السلطة؟


21/06/2023

دعا الجيش الليبي القادة السياسيين إلى تشكيل حكومة تكنوقراط موحدة، تتولى إدارة وتنظيم الانتخابات، ودعم الإطار القانوني الذي أقرته لجنة (6+6)؛ من أجل إنهاء حالة الانقسام السياسي في البلاد.

وقالت القيادة العامة للجيش الليبي، في بيان يوم الجمعة 16 حزيران (يونيو) الجاري: إنّ قانون الانتخابات الذي أقرته لجنة (6+6) المشتركة بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة الأسبوع الماضي في مدينة بوزنيقة المغربية هو "أولى الخطوات المهمة التي تمهد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية".

وأكدت القيادة دعمها كل الحلول السياسية الصادقة في إنهاء الأزمة السياسية التي تشهدها ليبيا، دون مغالبة أو إقصاء أو مصادرة حقوق أيّ طرف، حتى تحقق القوانين الانتخابية أكبر توافق ممكن لإجراء الانتخابات في موعدها وضمان تطبيق نتائجها.

وطلبت القيادة العامة من البرلمان والمجلس الأعلى للدولة الإسراع في إنهاء حالة الانقسام السياسي، وتشكيل حكومة تكنوقراط جديدة موحدة، تشرف على تنظيم الانتخابات في جميع أنحاء البلاد.

مصير غامض للقوانين الانتخابية

نحو ذلك، أقرت لجنة (6+6) قانون انتخاب الرئيس والبرلمان، وشروط الترشح للرئاسة التي كانت دائماً محل خلاف، واتفقت على السماح لمزدوجي الجنسية بخوض الاستحقاق الرئاسي في الجولة الأولى، على أن يقدّم المرشح ما يفيد التنازل عن جنسيته الأجنبية للدخول في الجولة الثانية.

وبخصوص ترشح العسكريين، ينص القانون على أنّ المرشح يُعدّ مستقيلاً من منصبه "بقوة القانون، بعد قبول ترشحه؛ سواء كان مدنياً أو عسكرياً، كما يشترط على المرشح ألّا يكون محكوماً عليه نهائياً في جناية".

توفيق الشهيبي: هذه الدعوة تثير عدة  تساؤلات منطقية

بيد أنّ مصير هذا الاتفاق ما يزال يواجه غموضاً، ولم ينل توافقاً كبيراً، خاصّة بعد أن أظهرت عدة أطراف سياسية تحفظاتها على بعض القوانين، وطالبت بإعادة النظر فيها وتعديلها؛ لا سيّما ما جاء على لسان رئيس البرلمان عقيلة صالح، الذي اعتبر أنّ قانون الانتخابات يتضمن نقاطاً تهدف إلى "إفشال العملية الانتخابية". ودعا رئيس مجلس الدولة خالد المشري إلى مزيد من التفاهم حول بعض النقاط، فضلاً عن دعوة مفوضية الانتخابات إلى تعديل بعض النصوص التي لا يمكن تنفيذها على أرض الواقع، وتشكل خطراً على العملية الانتخابية.

تساؤلات منطقية

في هذا السياق، يشير الكاتب الليبي توفيق الشهيبي، في تصريحات خصّ بها (حفريات)، إلى أنّ هذه الدعوة تثير عدة  تساؤلات منطقية، ينبغي حتماً التدقيق فيها والبحث عن عناصرها الحقيقية، ومخارجها الآمنة التي تضمن الوصول المستقر للاستحقاق الانتخابي وانتظام أركان الدولة في ليبيا .

ويرى الكاتب الليبي أنّ السؤال الأول يستهدف الاشتباك مع هل الحكومة المقصودة أو المعنية تعني أن يبقى عبد الحميد الدبيبة، ويتغير باقي أعضاؤها؟ وذلك على خلفية ما أشيع عن  تفاهمات جرت ما بين الدبيبة والمشير خليفة حفتر في هذا الشأن.

توفيق الشهيبي: من الصعوبة بمكان أن تتحدث عن حكومة تكنوقراط، كون كل الأطراف سوف تطالب بنصيب منها وفيها

أمّا السؤال الثاني، بحسب تقدير الشهيبي، فهو يبحث في نمط المعيار الأمثل الذي سيتم الاحتكام إليه في تشكيل الحكومة المرتقبة لإدارة الاستحقاق الانتخابي. وفي ذلك يقول: "هل  دعوة تشكيل الحكومة ستكون بمعزل عن الحكومتين الحاليتين؟"، فالبيان استخدم كلمة تكنوقراط ليصف الحكومة، وهي مسألة صعبة في ليبيا، كون الاختيار يخضع لجملة من  المعايير الجهوية، وذلك يعني الوصول إلى شخصيات سياسية هنا وهناك، وهي التي تحكم المعيار الجهوي وكذا المعيار السياسي.

وفي تقدير الشهيبي، فإنّه من الصعوبة بمكان أن تتحدث عن حكومة تكنوقراط، كون كل الأطراف سوف تطالب بنصيب منها وفيها.

نقطة أخرى في سياق الأسئلة التي طرحها الشهيبي، تعليقاً على دعوة الجيش الليبي لتشكيل حكومة تكنوقراط تدير العملية الانتخابية، حيث إنّ الدبيبة الذي فعل المستحيل للاستمرار، سيفعل أكثر من المستحيل للبقاء، وبالتالي لا بدّ من البحث عن إجابة صادقة لكيفية تطبيق هذا المقترح من الناحية الواقعية، إذا ما تجاوزنا إشكالية موضوع آلية اختيار الحكومة.

ويمضي توفيق الشهيبي في تصريحاته لافتاً إلى أنّ تلك النقاط يجب أن تناقش بعمق  لكي نصل من خلالها إلى آلية حقيقية. كما أنّ البعض الآخر يقول إنّ موضوع  تشكيل الحكومة وفق ما قاله المشير خليفة حفتر، هو تأييد لما جاءت به اللجنة (6+6).

عبد المنعم اليسير: الدعوة التي طرحها المشير خليفة حفتر لتشكيل حكومة تكنوقراط تحمل إشكالية كبيرة

الشهيبي يطرح مخاوفه في سياق الوضع الحالي وتشابكاته المعقدة، مشيراً إلى أنّ البعض يرى أنّ هذه النقطة تحديداً كفيلة بأن تكون السبب في إفشال الانتخابات، كون رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة لن يسلّم حتى لسلطة منتخبة، وسيضع (100) عذر لعدم التسليم، على حدّ قوله.

يختتم الكاتب الليبي تصريحاته، كما استهل حديثه، بطرح (3) أسئلة، ويقول إنّ هذا الأمر يحتاج إلى تحليل عميق جداً للخروج بسيناريو صادق حول كيفية العمل في المرحلة القادمة، حيث ستكون مرحلة معقدة بكل تأكيد، ولن نخرج من هذه الدوامة بدون انتخابات، ولكن كيف نصل إلى الانتخابات؟

أزمة المرتزقة والقوات الأجنبية

من جانبه، يرى السياسي الليبي عبد المنعم اليسير أنّ الدعوة التي طرحها المشير خليفة حفتر لتشكيل حكومة تكنوقراط، تعمل على إدارة الانتخابات الرئاسية، تحمل إشكالية كبيرة، فالأغلبية تجاهلت النقطة الأبرز، في تقديره، خلال هذا التوقيت، وهي إعادة الاستقرار والسيادة للدولة الليبية، حيث إنّ ما طغى على الجميع في تلك اللحظة  هي قناعتهم بضرورة الاستحقاق الانتخابي باعتباره  الوسيلة لإعادة الاستقرار، غير أنّهم نسوا أنّ هناك قوات أجنبية ومرتزقة في البلاد.

ويتابع اليسير تصريحاته لـ "حفريات" مؤكداً أنّ هذه القوات الأجنبية تتمثل في حضور القوات التركية داخل المنطقة الغربية، وكذا المرتزقة ومن تحالف معهم من الميليشيات في المنطقة الغربية أيضاً.

عبد المنعم اليسير: عبد الحميد الدبيبة يُعتبر أداة مهمة لتيار الإسلام السياسي في المنطقة الغربية، ولا ينبغي توقع أنّه سيعمل على تسليم السلطة

ويرى اليسير أنّ الكثيرين تجاهلوا ذلك الأمر، وأصبح الشغل الشاغل لهم الانتخابات، كأنّها هي الوسيلة لإعادة سيادة الدولة الليبية، وهذا غير معقول؛ كون انتخاب أيّ حكومة بدون تمكينها بقوة حقيقية، وعزل أيّ قوة أخرى تنازعها ذلك الحق، هو أمر غير مقبول، ولا يمكن أن يحقق نتائج واقعية.

نحو ذلك يؤكد عبد المنعم اليسير أنّ الاستحقاق الانتخابي أمر مهم ومقدر في طريق الاستقرار والسيادة للدولة الليبية، ولكن ينبغي أن يمر عبر اجتثاث كافة عناصر ومظاهر القوة، التي تتموضع خارج إطار الدولة الوطنية، وتفعيل مخرجات لجنة (5+5).

أدوات وظيفية

ويلفت عبد المنعم اليسير في ختام تصريحاته إلى أنّ عبد الحميد الدبيبة يُعتبر أداة مهمة لتيار الإسلام السياسي في المنطقة الغربية، ولا ينبغي توقع أنّه سيعمل على تسليم السلطة، كونه استطاع الاستحواذ على إيرادات النفط، ويستعملها جيداً في تشكيل قوات موالية له، ونتيجة لتعامله مع تركيا؛ أصبح يرأس حكومة تابعة لأردوغان، ولهذا تتكفل أنقرة بحمايته، فكيف نتوقع تشكيل حكومة مستقلة؟

إلى ذلك، قدّم المبعوث الأممي عبد الله باثيلي إحاطة يوم الإثنين الماضي بخصوص الوضع في ليبيا في مجلس الأمن الدولي، وخلال ذلك دعا باثيلي مجلس الأمن إلى زيادة الضغط على الأطراف المعنية للدفع نحو إجراء الانتخابات. وأضاف قائلاً: إنّ المواضيع الخلافية تتطلب بالدرجة الأولى اتفاقاً سياسياً بين الأطراف الرئيسيين. وأشار إلى أنّ هناك (4) قضايا خلافية في القوانين الانتخابية؛ منها معايير الترشح، وحتمية الجولة الثانية. وقال: إنّ تشكيل حكومة جديدة  في ليبيا مسألة خلافية، تتطلب اتفاقاً سياسياً بين الأطراف الليبية.

وحذّر المبعوث الأممي من تكرار ما حدث في الانتخابات خلال نهاية كانون الأول (ديسمبر) عام 2021، في حال لم تنتهِ الخلافات القائمة.

من جهته، يشير الكاتب الليبي الهادي عبد الكريم حنيتيش إلى أنّه لو استطاع مجلس النواب ومجلس الدولة التوافق حول تشكيل حكومة، وقبلت بها البعثة الأممّية، فحتماً سوف تستطيع دخول العاصمة طرابلس، لافتاً إلى أنّ القيادة العامة معنية في أيّ حكومة بمقعد وزارة الدفاع، وهو حق مشروع، بحسب قوله.

الهادي عبد الكريم حنيتيش: لو استطاع مجلس النواب ومجلس الدولة التوافق حول تشكيل حكومة، وقبلت بها البعثة الأمميّة، فحتماً سوف تستطيع دخول العاصمة  طرابلس

ويرى حنيتيش في إطار تصريحاته لـ "حفريات" أنّه لو تم تشكيل حكومة متزنة، تكون وزارة الدفاع فيها، فستدعمها القيادة مثلما دعمت حكومة شرعية مكلفة من البرلمان، لافتاً إلى أنّ الحكومة المرتقبة في ليبيا حالياً نوعان: إمّا حكومة تشرف على الانتخابات، وهذه لن تكون إلّا إذا تمّ الاتفاق على القوانين الانتخابية، وإمّا أن تكون  كحكومة الدبيبة لإطالة عمر الأزمة، وذلك سيصبح واقعاً في حال حدوث سيناريو  فشل مجلسي النواب والدولة؛ وعندئذ سنكون أمام  حكومة موسعة، الغرض منها تمييع الوضع.

وبالسؤال عن السيناريو المرجح في تقديره، أشار حنيتيش إلى أنّ جلسة مجلس الأمن، وإحاطة المبعوث الأممي عبد الله  باثيلي الأخيرة، ربما تكشف عن القادم، بيد أنّه تابع قائلاً: حتى اللحظة، يبدو السيناريو الأرجح هو فشل مجلسي النواب والدولة في إنجاز القوانين الانتخابية، في ضوء خطوة الإحالة التي قام بها خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، بخطاب إلى الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، ليطلعه فيها على نسخة من قانون انتخاب رئيس الدولة، وقانون انتخاب مجلس الأمة، فضلاً عمّا ورد في الخطاب بأنّ ذلك "ملزم ونهائي ومرحب به في المجلسين، وأنّه في حالة الحاجة إلى إجراء أيّ تعديل؛ يجب أن يتم عن طريق لجنة (6+6)، وهو أمر ليس من صلاحياته، ولكن قام بذلك خوفاً من وصفه بـ "المعرقل"، وفي الوقت نفسه لإحراج مجلس النواب.

مواضيع ذات صلة:

لماذا يرفض إخوان ليبيا تنظيم الانتخابات الرئاسية؟

بعد بيان القيادة العامة للجيش الليبي... هل يسلم الدبيبة السلطة؟

رئيس الأعلى للدولة في ليبيا يستخدم الميليشيات الإخوانية لتمرير التعديل الـ (13)



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية