حوار الـ (5) الكبار.. مسار جديد للحل السياسي في ليبيا

حوار الـ (5) الكبار.. مسار جديد للحل السياسي في ليبيا

حوار الـ (5) الكبار.. مسار جديد للحل السياسي في ليبيا


12/12/2023

بينما خاض رئيس المجلس الأعلى للدولة جولة زيارات خارجية، اختتمها بزيارة للمملكة المغربية، والاجتماع بوزير الخارجية ناصر بوريطة؛ لبحث مستجدات الأوضاع السياسية في ليبيا، خاصّة ملف الانتخابات الرئاسية واختراق الانسداد السياسي، دعت لجنة (6+6) لإعداد القوانين الانتخابية مجلسي النواب والدولة إلى الحوار المباشر للتوافق على مسار محدد لتنفيذ إجراء الانتخابات.

وأكدت لجنة (6+6) أنّه على المجلسين قطع الطريق على استغلال البعثة الأممية للاتفاق السياسي، وتكرار نموذج جنيف. وأفادت اللجنة المشتركة من المجلسين بأنّ مقاربة المبعوث الأممي للفاعلين الـ (5) ليس لها أساس قانوني ولا شرعي.

تأكيدات المبعوث الأممي وشروط عقيلة صالح

نحو ذلك، أكد عبد الله باتيلي المبعوث الأممي لدى ليبيا في تصريحات صحفية تأييد المجتمع الدولي تشكيل حكومة ليبية‬ موحدة بتفويض زمني محدد لإجراء الانتخابات،‬ وإنهاء الانقسام؛ شريطة اتفاق الفاعلين الرئيسيين.‬ وأشار باتيلي في تصريحه إلى أنّه يشجع كافة الأطراف على البناء على القوانين الانتخابية‬ التي صدرت عن لجنة (6+6)، وأنّ البعثة لن تدعم أيّ مبادرة من شأنها إطالة أمد الانسداد السياسي.‬‬ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

وأوضح باتيلي أنّ مقاربته التي أطلقها للحوار بين الأطراف الـ (5) الفاعلة في ليبيا،  تتمركز حول مبدأ التوافق وليس على الأغلبية أو التوازن العددي. مضيفاً أنّ الـ (5) الكبار؛ (حكومة الدبيبة، المجلس الرئاسي، المجلس الأعلى للدولة، الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، مجلس النواب) يمتلكون مفاتيح صنع السلام في ليبيا‬ اليوم. ‬‬‬‬‬

عبد الله باتيلي المبعوث الأممي لدى ليبيا

‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬وعليه، وضع المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب شروطاً لقبوله المشاركة في الحوار الذي دعيت إليه الأطراف الرئيسية في ليبيا؛ أوّلها أن تشمل الدعوة الحكومة في بنغازي برئاسة أسامة حماد، بالإضافة إلى شرط آخر ينص على أن يتضمن جدول أعمال الاجتماع تشكيل حكومة موحدة جديدة تشرف على إجراء الانتخابات.

وأضاف رئيس مجلس النواب أنّه سيجتمع خلال الفترة المقبلة مع رئيس مجلس الدولة محمد تكالة للتشاور من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن الخلاف حول قوانين الانتخابات، وفقاً لمخرجات لجنة (6+6) المشتركة بين المجلسين.

انخراط الأعلى للدولة في المبادرة

على الجانب الآخر، كشفت مصادر ليبية مطلعة أنّ المجلس الأعلى للدولة اختار (3) مندوبين يمثلون المجلس في تلك المبادرة. وأوضحت المصادر في سياق حديثها  لـ (حفريات) أنّ المختارين يمثلون دوائر الغرب والشرق والجنوب؛ لتمثيل المجلس في الاجتماع التحضيري للطاولة الخماسية التي دعا إليها المبعوث الأممي عبد الله باتيلي.

 

محمد شوبار: ما نصت عليه الفقرة الخامسة من القرار المشار إليه، هو الدعم اللا محدود من المجتمع الدولي لاجتماع الأطراف الرئيسية لأجل صياغة قوانين انتخابية قابلة للتنفيذ

 

في السياق نفسه، أوضح المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة أنّ اللقاء الذي جرى نهاية الأسبوع الماضي في الرباط مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، في حضور عضوي المجلس الأعلى للدولة: شكري المغربي، ومحمد عبد العالي، تناول العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها في شتى المجالات، وبحث سياق الأزمة السياسية في ليبيا.

وأضاف المكتب الإعلامي أنّ تكالة عبّر عن شكره لجهود المغرب في تقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية، ودورها السابق في استضافة الحوارات الليبية. وأشار المكتب الإعلامي إلى أنّ تكالة وبوريطة عقدا مؤتمراً صحفياً عقب اللقاء تناول ما تمّ مناقشته خلال الاجتماع. وأوضح محمد تكالة أنّ اتفاق الصخيرات أصبح وثيقة دستورية، وحوارات بوزنيقة (1و2) أسهمت في بناء المؤسسات السيادية بالبلاد، مشيراً إلى أنّ اللجنة المشتركة (6+6) المشكّلة من مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة خير دليل على حدوث توافقات بين الفرقاء الليبيين للوصول إلى قوانين انتخابية ترضي الجميع.

توافق دولي

في هذا الإطار قال محمد شوبار، المتحدث الرسمي باسم مبادرة القوى الوطنية الليبية: إنّ المجتمع الدولي صوّت بالإجماع على دعم خطة السيد عبد الله باثيلي رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وأصدر القرار رقم (2702) في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وكل زيارات الأطراف الرئيسية للدول، بما فيها زيارة محمد تكالة رئيس المجلس الأعلى للدولة، للمغرب، تصب في مسار التمهيد لانطلاق حوار الطاولة الخماسية التي دعا إليها السيد باثيلي.

 

عبد الله الديباني: الزيارة التي قام بها تكالة للرباط، من أجل تنسيق جلسة الحوار فيما بين المجلس الأعلى للدولة، ومجلس النواب؛ لمناقشة القوانين الانتخابية والتحرك خطوة إلى الأمام

 

ويستطرد محمد شوبار حديثه لـ (حفريات) بقوله: إنّ ما نصت عليه الفقرة الخامسة من القرار المشار إليه، هو الدعم اللّا محدود من المجتمع الدولي لاجتماع الأطراف الرئيسية، لأجل صياغة قوانين انتخابية قابلة للتنفيذ، وتشكيل سلطة جديدة قادرة على توحيد المؤسسات، وبسط الأمن في كامل ربوع ليبيا، والتمهيد والإشراف على انتخابات حرة ونزيهة، رئاسية وبرلمانية، في أسرع وقت ممكن، ممّا يدفع نحو بسط كافة آليات الاستقرار في ليبيا، بما تمثله من نقطة جغرافية مؤثرة في محيطها الجيواستراتيجي، الأمر الذي يجعلنا ننظر إلى جولات تكالة الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والمغرب، وقبل ذلك اللقاء المشترك مع المستشار عقيلة صالح في القاهرة، كضرورة للوصول إلى صيغة توافقية تسمح بالنفاذ داخل جدار الإنسداد السياسي، والوصول إلى مسار آمن يضمن تنفيذ الاستحقاق الانتخابي.

بدوره، يذهب الباحث الليبي عبد الله الديباني نحو رؤية تلك الزيارة التي قام بها تكالة للرباط، من خلال تنسيق جلسة الحوار فيما بين المجلس الأعلى للدولة، ومجلس النواب؛ لمناقشة القوانين الانتخابية والتحرك خطوة إلى الأمام إزاء كل ما يتعلق بالقوانين التي أنتجتها اللجنة المشتركة، وفض الاشتباك مع الخلافات القائمة حول بعض مواد تلك القوانين، وأنّ ترتيب ذلك الاجتماع سيكون برعاية أممية، وذلك بحسب تصريحات الباحث لـ (حفريات).

تحركات مغربية

قال ناصر بوريطة وزير الخارجية المغربي، في المؤتمر الصحفي الذي نظم عقب المباحثات في العاصمة المغربية مع محمد تكالة رئيس المجلس الأعلى للدولة: إنّ بلاده تتعاطى مع الملف الليبي انطلاقاً من عدة ثوابت أساسية، مشيراً إلى أنّ الثابت الأول في علاقة بلاده بليبيا يتمثل في أنّ المجلس الأعلى للدولة بوصفه مؤسسة، موضوع اتفاق سياسي في الصخيرات، التي يعدّها المغرب "شريكاً لا محيد عنه في أيّ حوار ومفاوضات ونقاش حول مستقبل ليبيا"، مبرراً أنّ جميع الهياكل المؤسساتية في ليبيا هي فاعل أساسي في أيّ عملية سياسية. وأضاف: "المغرب يعدّ إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في ليبيا المسار الوحيد الذي من شأنه أن يخرجها من أزمة الشرعية المؤسساتية، وترسيخ الاستقرار السياسي والمؤسساتي الذي يجعل البلد يتجاوب مع تطلعات الشعب الليبي".

كما شدد على القول بأنّ "الانتخابات لا يمكن تجاوزها، ولا يمكن تصور أيّ مستقبل مستقر لليبيا من دونها". نحو ذلك ذكر بوريطة أنّ الرباط تظل دائماً متفائلة ولديها الثقة الكاملة في قدرة الليبيين على الوصول إلى حلول للوضع في بلدهم. مشدداً على ضرورة ألّا تكون هناك أيّ تدخلات خارجية، وأنّه بإمكان الليبيين في السياق الدولي والإقليمي الحالي التقدم نحو عملية سياسية للوصول إلى الانتخابات. مشيراً إلى أنّ "هناك اليوم فرصة يمكن للّيبيين أن يستغلوها للوصول إلى حل".

وشدّد وزير الخارجية المغربي على أهمية مظلة الأمم المتحدة لمواكبة التقدم نحو الحل في ليبيا، مؤكداً أنّها تعطي الشرعية لما سيتم التوافق بشأنه، نظراً لكونها جزءاً أساسياً لإنجاح العملية السياسية، وإضفاء الشرعية الأممية عليها.

إلى ذلك، قال الكاتب الصحفي المغربي رشيد عفيف، في تصريحات خصّ بها (حفريات): إنّ هناك عدة ثوابت أكد عليها  وزير الخارجية المغربية ناصر بوريطة لدى استقباله محمد تكالة في الرباط، وعلى خلفيتها يقر المغرب أنّ مجلس الدولة مؤسسة لها ما يكفي من الشرعية والمصداقية، تؤهلها أن تكون طرفاً فاعلاً وأساسياً في أيّ عملية سياسية حول مستقبل ليبيا.

ناصر بوريطة وزير الخارجية المغربي

ويتابع عفيف في سياق تصريحاته لافتاً إلى أنّ ذلك ما كانت السلطات المغربية تحرص عليه باستمرار، منذ احتضان مفاوضات الصخيرات، حيث تجنبت الدبلوماسية المغربية باستمرار التعاطي مع الأزمة الليبية من منطلق الاصطفاف القبلي أو الشخصي، وكانت دائماً تلح على دور المؤسسات، لا سيّما المنتخبة، في حل الأزمة السياسية في ليبيا، وتجاوز تداعياتها الخطرة داخلياً وإقليمياً.

ويلفت الكاتب المغربي إلى أنّه يجب الانتباه إلى كون الرباط احتضنت لقاءات مصيرية وتاريخية بين الفرقاء الليبيين، ومن ثمّ أصبحت محطة مهمة ونقطة ارتكاز بالنسبة إلى كافة الأطراف والمؤسسات في ليبيا، من أجل البحث عن حل سياسي نهائي؛ يخرج البلاد من الأزمة التي طالت كثيراً، ممّا يجعلنا ننظر إلى زيارة تكالة بكثير من التفاعل الإيجابي، واعتبارها عتبة نحو خطوة إيجابية لفك الانسداد السياسي في ليبيا.

 

رشيد عفيف: هناك عدة ثوابت أكد عليها  وزير الخارجية المغربية ناصر بوريطة لدى استقباله محمد تكالة في الرباط، وعلى خلفيتها يقر المغرب أنّ مجلس الدولة مؤسسة لها ما يكفي من الشرعية والمصداقية

 

ويضيف عفيف أنّ الهاجس الرئيسي الذي يشغل بال السلطات المغربية، هو حالة  الانفلات الأمني في ليبيا، وخطورة انفجار الوضع في أيّ لحظة، ممّا يمكن أن يعصف باستقرار البلاد، ويعيدها من جديد إلى دوامة العنف والحرب الأهلية الطاحنة؛ ومرد هذا الخوف أساساً هو التداعيات المباشرة لهذا الانفجار المخيف على منطقة شمال أفريقيا والمغرب والساحل والصحراء عموماً، إذ إنّ  ليبيا بلد مترامي الأطراف، والانفلات الأمني أدى في الماضي إلى تدفق السلاح وتنامي المخاطر الإرهابية والأمنية، وهذا ما يقلق الرباط كثيراً، ويدفعها نحو الانخراط في الشأن الليبي.

ويؤيد المغرب إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة؛ لأنّها وحدها الكفيلة بتحقيق الاستقرار، بينما تنظيم انتخابات منفصلة عن بعضها بعضاً قد يفضي إلى ظهور مؤسسات سياسية هشة وضعيفة تعيد البلاد مجدداً إلى دوامة عدم الاستقرار، وهذا ما لا تفضله السلطات المغربية.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية