خروج آخر قادة الجيش السوداني من الخرطوم... "لم يتبقَ غير ميليشيات الإخوان"

خروج آخر قادة الجيش السوداني من الخرطوم... "لم يتبقَ غير ميليشيات الإخوان"

خروج آخر قادة الجيش السوداني من الخرطوم... "لم يتبقَ غير ميليشيات الإخوان"


27/11/2023

ظلّ الفريق أول ياسر العطا، مُساعد قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، القائد العسكري الوحيد المتبقي للجيش السوداني في الخرطوم، حبيساً بقيادة سلاح المهندسين في مدينة أم درمان، منذ اندلاع الحرب مع قوات الدعم السريع في 15 نيسان (أبريل) حتى 26 تشرين الثاني (نوفمبر)؛ حيث تمكن من مغادرة محبسة شمالاً إلى منطقة كرري العسكرية، على الطريقة نفسها التي غادر بها قائد الجيش ونائبه شمس الدين الكباشي ووزير الدفاع، الذين كانوا متحصنين في أقبية بالقيادة العامة في وسط الخرطوم، فيما بقي العطا وحيداً في أم درمان. 

يعتبر مراقبون العطا أحد أوجه التيار الإسلامي الإخواني داخل الجيش السوداني، الذي ما إن انقلب على حكومة عبد الله حمدوك في 25 تشرين الأول 2021، حتى أعاد الإخوان المسلمين إلى التحكم في مؤسسات الدولة، بعد أن أطاحت الثورة بنظام حكمهم

ووفقاً لتسريبات متطابقة، فإنّ مساعد قائد الجيش تمكن من الخروج من مقر رئاسة سلاح المهندسين المحاصر من قبل قوات الدعم السريع ليلة 25 تشرين الثاني (نوفمبر) إلى منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال أم درمان، ليخاطب صباح الأحد 26 تشرين الثاني (نوفمبر) حشداً من الجنود والضباط.

الورقة الأخيرة 

ووفقاً لبيان مقتضب صادر عن المتحدث باسم الجيش، أشاد العطا خلال زيارة تفقدية لقاعدة وادي سيدنا العسكرية بالروح المعنوية العالية للضباط وضباط الصف والجنود والمستنفرين.

بالنسبة إلى العديد من المراقبين، فإنّ الوجهة التالية لمساعد قائد الجيش ستكون الالتحاق برفاقه الموجودين بالساحل الشرقي للبلاد، في مدينة بورتسودان على البحر الأحمر، ممّا يشير إلى أنّ الحرب بالعاصمة الخرطوم ربما أصبحت على وشك الانتهاء، فقد تمكن قائد الجيش من فك الحصار عن نفسه بمغادرته أسوار القيادة العامة للجيش في منتصف آب (أغسطس)، قبل أن يلتحق به نائبه ورفيق محبسه الفريق أول شمس الدين الكباشي رفقة وزير الدفاع الفريق أول ياسين إبراهيم في تشرين الأول (أكتوبر)، فيما تبقى مساعد القائد العام وحيداً متحصناً في قيادة سلاح المهندسين، قبل أن يغادر أخيراً. 

الفريق أول ياسر العطا

وقد عدّ المراقبون ما سمّوه هروب قادة الجيش الكبار من ميدان القتال نصراً معنوياً كبيراً لقوات الدعم السريع، وأنّ خروج ياسر العطا سيتسبب بانخفاض كبير في الروح المعنوية لضباط وجنود الجيش السوداني، باعتبار أنّ قادتهم نجوا بأنفسهم، وتخلوا عنهم وتركوهم لمصيرهم في مواجهة جحافل قوات الدعم السريع، ممّا قد يؤدي إلى سقوط العاصمة تماماً في قبضة قوات الدعم السريع في غضون الأيام المقبلة.

محارب بالكلمات 

ويُعتبر الفريق أول ركن ياسر العطا، عضو مجلس السيادة، ومساعد قائد الجيش، من أكثر الضباط إطلاقاً للتصريحات التي أسهمت في إشعال الحرب واستمرارها، كما أنّه سبق أن هاجم الرئيس الكيني وليام روتو بطريقة شديدة الفظاظة ومخالفة لكافة الأعراف الدبلوماسية والسويّة السياسية، ووصف كينيا بالدولة الداعمة للمرتزقة، ودعاها إلى إحضار جيشها إلى الخرطوم متوعداً إيّاها بالهزيمة؛ الأمر الذي وجد استهجاناً كبيراً من قبل الحكومة الكينية والهيئة الحكومة للتنمية (إيغاد) التي يترأس روتو لجنتها الرباعية للتوسط بين طرفي النزاع في السودان، كما أدانت الأحزاب السياسية السودانية ومنظمات المجتمع المدني ما ذهب إليه العطا بحقّ الرئيس الكيني. 

كادر إخواني 

لم يبدأ الفريق أول ركن ياسر العطا مشواره مع التصريحات النارية بعد اندلاع الحرب، بل كان أحد قارعي طبولها، وكثيراً ما تحرش بقوات الدعم السريع من خلال تصريحاته المستفزة بحقها وحق قادتها، كما هاجم الثورة التي أطاحت بنظام البشير، وقد دعا مراراً إلى إعادة الإخوان المسلمين إلى العمل السياسي، باعتباره أحد كوادرهم داخل الجيش السوداني. 

بخروج الفريق أول العطا تكون العاصمة قد خلت تماماً من قيادة الجيش، ولم يبقَ إلّا بعض الضباط الكبار في القيادة العامة ومنطقتي كرري ووادي سيدنا العسكريتين، ممّا يثير الشكوك والريبة حول هذا الخروج (الهروب) المتتالي، والذي يبدو مرتباً بطريقة ما

وكان مساعد قائد الجيش قد كشف قبل الحرب بأقلّ من شهر، وفقاً لموقع (سودان  تربيون)، عن نيّة الجيش توقيع اتفاق مع التيار الإسلامي (الإخوان والسلفيين)، مبرراً ذلك بإبعاد التطرف الديني، وضمان ترسيخ الديمقراطية وعدم الانقلاب عليها.

وبينما كان يتحدث حينها إلى حشد قبلي في 18 آذار (مارس) 2023، بالعاصمة الخرطوم، شدّد العطا على ضرورة إبرام اتفاق مع ما اعتبرها قوى سياسية إسلامية مُبعدة بأمر الثورة؛ من أجل جلبها إلى الطريق المعتدل، وفقاً لتصريحه.

قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)

ويعتبر مراقبون العطا أحد أوجه التيار الإسلامي الإخواني داخل الجيش السوداني، الذي ما إن انقلب على حكومة عبد الله حمدوك في 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2021، حتى أعاد الإخوان المسلمين إلى التحكم في مؤسسات الدولة، بعد أن أطاحت الثورة بنظام حكمهم الذي استمر (30) عاماً.

ثم ماذا بعد؟ 

بخروج الفريق أول العطا، لأوّل مرة منذ اندلاع الحرب من حصنه بسلاح المهندسين، تكون العاصمة الخرطوم قد خلت تماماً من قيادة الجيش، ولم يبقَ إلّا بعض الضباط الكبار في القيادة العامة ومنطقتي كرري ووادي سيدنا العسكريتين، ممّا يثير الشكوك والريبة حول هذا الخروج (الهروب) المتتالي، والذي يبدو مرتباً بطريقة ما؛ ومن ثم التوجه إلى العاصمة البديلة بورتسودان، وترك الخرطوم دون قيادة حقيقية على الأرض.

ويتساءل محللون ومراقبون: هل ترك الجيش السوداني العاصمة للميليشيات الإسلامية المتطرفة مثل البراء بن مالك، التي أُجليَ قائدها (المِصباح) إلى مدينة عطبرة شمال البلاد بعد إصابته في معركة سلاح المدرعات، فيما قتل نائبه (معاذ) في معركة جبل أولياء، هل تركها تقاتل نيابة عن الجيش، وهي لا تمتلك الحدّ الأدنى من القدرات العسكرية ولا الكادر القتالي المؤهل للتصدي لقوات متمرسة وتمتلك خبرة كبيرة في قتال المدن مثل قوات الدعم السريع؟ 

في المقابل، اعتبر آخرون العاصمة السودان بمدنها الـ (3) في حكم الساقطة بيد قوات الدعم السريع، وقد بنوا تحليلهم هذا على شروع الجيش في الآونة الأخيرة بتدمير البنية التحتية من جسور ومبانٍ، ممّا يؤشر إلى أنّه استشعر فقدانه العاصمة، ولا يريد أن يغادرها إلّا بعد أن يجعل منها (روما) أخرى، فيحرقها بين يدي قوات الدعم السريع، وأنّ هروب قادة الجيش الكبار، واحداً تلو الآخر، ليس إلّا إيذاناً بخسارة المعركة.

مواضيع ذات صلة:

بعد ممانعة وتشدد... لماذا طلب الجيش السوداني العودة إلى منبر جدة؟.. وما موقف الإخوان؟

ما الذي حملته قمة القاهرة لدول جوار السودان؟

"السودان يعاني فراغاً في القيادة"... رواه آبي أحمد وأخرجته إيغاد



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية