"دويلة داعش الجديدة"... هل يتنبأ المجتمع الدولي بخطر "الهول"؟

"دويلة داعش الجديدة"... هل يتنبأ المجتمع الدولي بخطر "الهول"؟

"دويلة داعش الجديدة"... هل يتنبأ المجتمع الدولي بخطر "الهول"؟


22/09/2022

يبدو أنّ أزمة مخيم الهول، أو "دويلة داعش الجديدة"، لن تنتهي قريباً، خاصة أنّ المخيم خاضع بالكامل لهيمنة التنظيم الإرهابي، ويُدار وفق إستراتيجية الجماعة المتطرفة.

ويُعدّ مخيم الهول، الواقع في أقصى جنوب شرقي محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا، أحد أهم المخيمات التي تثير القلق والمخاوف في ظل تزايد نفوذ تنظيم داعش داخله وانتشار أفكاره فيه، حتى إنّ المخيم أصبح يوصف بـ "دويلة داعش الجديدة"، بالنظر إلى اتخاذه معقلاً يحافظ التنظيم من خلاله على أفكاره، ويعيد من داخله ترتيب صفوفه، بوساطة خلاياه المنتشرة داخل المخيم، والتي أصبحت تشكل تحدياً كبيراً أمام قوات سوريا الديمقراطية الكردية في إحكام قبضتها على المخيم، وهو ما كشف عنه إعلان "قوى الأمن الداخلي" (آسايش) التابعة لـ "الإدارة الذاتية" مطلع شهر آب (أغسطس) الماضي في بيان لها عن العثور على شبكة من الخنادق تستخدمها خلايا داعش في تهريب البشر وتنفيذ جرائم قتل ومحاولات اغتيال.

وقد تكررت خلال الفترة الماضية الهجمات المسلحة في المخيم حيث شهد (24) حادثة قتل؛ نصفها في شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو) الماضيين، وذلك بسبب التطرّف الإيديولوجي الذي يعتنقه أكثر من (8) آلاف جهادي وجهادية ما يزالون متمسكين بفكر تنظيم داعش.

 مخيم الهول يشهد (24) حادثة قتل؛ نصفها في شهري أيار وحزيران الماضيين

استهدفت الإرهابيات في المخيم موظفي منظمات دولية ومحلية، بالإضافة إلى المقيمات داخل "الهول" ممّن يفكرن في التخلص من أفكارهنّ المتشدّدة، ويُقتلن في ظروف غامضة بوساطة ما يُعرف بوحدات الحسبة، وهذا ما يشكّل التحدي الأمني الأكبر بالنسبة إلى "الإدارة الذاتية" لشمالي سوريا وشرقيها، وقواتها الأمنية التي تحرس المخيم، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.

يضم مخيم الهول الذي يقع بالقرب من الحدود السورية العراقية أكثر من (65) ألف شخص، منهم عدد كبير من جهاديات التنظيم المتطرّف، اللاتي تمتنع حكومات الدول الأوروبية والآسيوية التي ينحدرن منها عن إعادتهنّ بسرعة، وما تزال هذه الدول تتحجج بحاجتها إلى الحصول على البيانات والتحقيقات الجنائية الخاصة بكل حالة، وذلك وفقاً لتصريحات المحاميَين الفرنسيين ماري دوزي ولودوفيك ريفيير اللذين يقدّمان المشورة لبعض هؤلاء النساء ممّن يطالبن بالعودة. هذا الموقف الفرنسي ينطبق كذلك على أبناء المقاتلين الأجانب العالقين في المخيّم، الذين يقدّر عددهم وفقاً لمنظمة "Save the   Children"  (أنقذوا الأطفال) بنحو (7300) طفل، حيث تُزرع في أذهانهم فكرة الثأر لآبائهم الذين إمّا قتلوا في معارك تنظيم داعش مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وإمّا سُجِنوا لدى الأخيرة أثناء العمليات العسكرية التي شنّتها "قوات سوريا الديمقراطية" على التنظيم المتطرّف بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

الإرهابيات في المخيم يستهدفن موظفي منظمات دولية ومحلية، بالإضافة إلى مقيمات يفكرن في التخلص من أفكارهنّ المتشدّدة

 

لهذا لا يمكن استبعاد فرضية عودة التنظيم المتطرّف من جديد انطلاقاً من مخيم "الهول" لا سيّما مع تكرار محاولات الجهاديات الهروب والتواصل مع العالم الخارجي بوساطة الهواتف، إضافة إلى تلقيهنّ حوالات مالية من الخارج عبر شركات تنتشر داخل المخيم.

وهذا ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير أشار فيه إلى أنّ قوى الأمن الداخلي في مناطق "الإدارة الذاتية" التي تُعرف بـ"الآسايش" تمكنت من إحباط هروب نحو (200) امرأة من جنسيات مختلفة، ومعهنّ عدد كبير من الأطفال. وما يؤكد هذه الفرضية الاشتباكات التي شهدتها محافظة الحسكة في مطلع العام الجاري، بين خلايا من تنظيم داعش و"قسد"، في محاولة من التنظيم لتحرير عناصره المحتجزين في سجون "قوات سوريا الديمقراطية".

لهذا من المتوقع، وفقاً لشبكة "رووداو" الكردية، أن يشنّ التنظيم هجمات مماثلة على مخيم "الهول"؛ بهدف إخراج الجهاديات منه لتشكيل خلايا على نطاق أوسع خارج المخيم، وقد يكون هذا الهدف الأخير سبباً لاشتباكات حصلت في أواخر آذار (مارس) الماضي، بين حرّاس المخيم وخلايا من التنظيم نجم عنه قتلى وجرحى، وفق ما أفادت به القوات الأمنية التي تسيطر على المخيم، التي أعلنت في وقت سابق تفكيك خلايا نائمة لتنظيم داعش داخل "الهول".

شبكة "رووداو" لا تستبعد أن يشنّ داعش هجمات على مخيم "الهول"؛ بهدف إخراج الجهاديات وتشكيل خلايا على نطاق أوسع خارجه

أمام هذه التحدّيات الأمنية، يستمر المجتمع الدولي في تجاهل نداءات "الإدارة الذاتية" و"قسد" اللتين تطالبان الدول التي تنحدر منها الجهاديات بإعادتهنّ مع أطفالهن، ورغم هذه النداءات وتحذير منظمات الإغاثة، فقد استلمت ألبانيا وألمانيا وروسيا وفرنسا وأوزبكستان وكوسوفو، ودول عربية وأخرى آسيوية، عدداً قليلاً من النساء والأطفال، في حين اكتفت دول أوروبية باستعادة الأطفال اليتامى فقط، وتصرّ غالبية هذه الدول على عدم استعادة مواطنيها، على اعتبار أنّهم تهديد جديد للأمن الأوروبي، وكذلك لا تستجيب تلك الدول لدعوة "الإدارة الذاتية" إلى إنشاء محاكم لمقاضاة أولئك الجهاديات على الأراضي السورية، حيث لا تحاكمهنّ السلطات المحلّية، بل تكتفي بمحاسبة حاملي الجنسية السورية قضائياً أو الإفراج عنهنّ بوساطات عشائرية من وجهاء المنطقة، وهو ما يبقي مشكلة الجهاديات الأجنبيات وأطفالهنّ دون حلّ، رغم نقل أعداد منهنّ إلى مخيم "روج" وبقاء أخريات بمخيم "عين عيسى"، بحسب ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط".

لا يمكن استبعاد فرضية عودة تنظيم داعش من جديد انطلاقاً من مخيم "الهول"، لا سيّما مع تكرار محاولات هروب الجهاديات واتصالهنّ مع الخارج وتلقيهنّ حوالات مالية

 

وبالعودة إلى الأوضاع في المخيم، فقد تلقى بعض العاملين في الهيئات الدولية تهديدات بالقتل، وهو ما أرغم معظم المنظمات الدولية على الانسحاب من المخيم، وترافق ذلك مع تحذيرات منظمة "هيومن رايتس ووتش" من سوء الرعاية الصحية والخيام الممزقة والمياه الملوثة، والخطر الأكبر المتمثل في الأمراض المنتشرة بين الأطفال مثل الجرب والإسهال والإنفلونزا.

وحسبما نقل موقع "شفق نيوز"، فإنّ مشكلة "الهول تكمن أيضاً في ظل عدم توفر دعم مالي وأمني كافٍ للإدارة الذاتية التي تسيطر بالكامل على "الهول"، كما أنّ تهديد تركيا بشنّ هجوم عسكري جديد على مناطق الإدارة الذاتية ينذر بمزيد من الفلتان الأمني داخل المخيم.

وتنحدر جهاديات الهول من نحو (60) دولة، ومنذ سقوط خلافة تنظيم داعش في آذار (مارس) 2019، وهنّ يعشن مع أطفالهنّ داخل المخيّم، وتحاول الإدارة الذاتية منذ ذلك الحين تسليط الضوء على مشاكل المخيم والضغوطات الاجتماعية والأمنية التي تعيشها المنطقة بسببه، وهي تسعى لإعادة المواطنين الأجانب إلى ديارهم للتخفيف من تلك الأزمات، ولكن يبدو أنّ الدول الأوروبية لم تحسم موقفها بعد من عودة المقاتلين والجهاديات الأجانب رغم الضغوط الدولية.

تزايد نفوذ تنظيم داعش في مخيم "الهول" وانتشار أفكاره فيه، حتى إنّ المخيم أصبح يوصف بـ "دويلة داعش الجديدة"

وتنتشر مخيمات النازحين واللاجئين في كلٍّ من سوريا والعراق وتركيا والأردن، ففي الأردن توجد مخيمات تضم أكثر من (120) ألف لاجئ سوري، أهمها مخيم الزعتري والأزرق، وفي تركيا يعيش قرابة (260) ألف لاجئ سوري في (22) مخيماً، وفقاً لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؛ أهمّها مخيمات أقجة قلعة وحران والإصلاحية، ويوجد في العراق قرابة (40) مخيماً منتشرة في بغداد وكربلاء وديالى والسليمانية والأنبار وكركوك ونينوى، وهي مخصصة للنازحين العراقيين، الذين فروا من ديارهم خلال الحرب على تنظيم داعش، في حين يوجد بها مخيمات أخرى مخصصة للاجئين السوريين، ويستضيف العراق ما يقرب من (260) ألف لاجئ سوري، يعيش الغالبية العظمى منهم في إقليم كردستان، منهم ما يزيد على (95) ألف شخص يعيشون في المخيمات، ويتلقى (72) ألفاً منهم مساعدات غذائية ونقدية منقذة للحياة من برنامج الأغذية العالمي، بينما تقدّم مفوضية اللاجئين مجموعة من الخدمات، بما في ذلك الدعم القانوني وخدمات التسجيل والمساعدة النقدية ودعم التعليم وخدمات أخرى. 

مواضيع ذات صلة:

تحذيرات أممية من تزايد مخاطر مخيم الهول في سوريا لهذه الأسباب

هل لهجوم داعش على مخيم الهول علاقة بالحرب في أوكرانيا؟

"برميل بارود جهادي": مخيم الهول يجدد مخاوف عودة داعش



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية