غزيون وحقوقيون لـ"حفريات": نتعرض لمجاعة حقيقية في رفح

غزيون وحقوقيون لـ"حفريات": نتعرض لمجاعة حقيقية في رفح

غزيون وحقوقيون لـ"حفريات": نتعرض لمجاعة حقيقية في رفح


كاتب ومترجم فلسطيني‎
17/12/2023

ترجمة: إسماعيل حسن

يواجه سكان مناطق جنوب قطاع غزة أوضاعاً صعبة، حيث تتعاقب المآسي على الذين نزحوا قسراً من مناطق سكناهم إلى جنوب قطاع غزة، بعدما طلب الجيش الإسرائيلي منهم بضرورة التحرك حفاظاً على سلامتهم على اعتبار أنها مناطق آمنة، ولكنّ توجه الجيش إلى توسيع العملية نحو الجنوب، أدى إلى تراكم أزمات النازحين الذين لا يجدون مخرجاً لمعاناتهم، في ظل النقص الحاد في الخدمات الأساسية، وصعوبة التأقلم مع الواقع الصعب الذي يمرون به.

وأعلن الجيش الإسرائيلي مطلع الشهر الجاري، شن عملية عسكرية برية على مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، بعد ادعاء الجيش أنّ المدينة التي تعتبر مسقط رأس قائد حماس يحيى السنوار وقائد أركان المقاومة محمد الضيف، من المحتمل أن تكون مركز عمليات القسام، بالإضافة إلى احتمالية وجود الجنود الأسرى المحتجزين داخل المدينة التي تحتوي على شبكة انفاق كبيرة، حيث ينفذ الجيش محرقة بحق السكان المدنيين، بعد تواصل دك الأحياء السكنية بعشرات القذائف المدفعية، عدا عن شن الطائرات الحربية أحزمة نارية عنيفة، تدمر من خلالها البنية التحتية ومربعات سكنية بأكملها، تمهيداً لدخول الدبابات إلى عمق المدينة المكتظة بالسكان. 

توقف المساعدات

وأعلنت الأمم المتحدة عن توقف وصول المساعدات الإنسانية إلى مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، نتيجة عملية التوغل التي يواصل تنفيذها الجيش على أطراف المدينة ومحاولة إحكام السيطرة عليها، حيث تتعرض مدينة خانيونس لحصار من قبل الجيش الإسرائيلي، عدا عن تعرض مناطق واسعة في الأجزاء الشرقية والشمالية للمدينة لقصف عنيف ومتواصل، حيث أثرت العملية على وقف تدفق المساعدات إلى مدينة خانيونس.

شاهد عيان لـ"حفريات": هناك عمليات سطو وسرقة من قبل شبان مجهولين على شاحنات تحمل مساعدات وأغذية تابعة لمنظمات دولية في مدينة رفح

وفي أعقاب التوغل البري الإسرائيلي لمدينة خانيونس، باتت مدينة رفح المحاذية لخانيونس تشهد تدفق كبير من المواطنين الفارين من القصف العنيف، في حين باتت المدينة عاجزة عن استيعاب تدفق عشرات الآلاف من النازحين، فالمواطنون يفترشون الشوارع والمفترقات العامة وداخل دور العبادة، نتيجة صعوبة استيعاب مراكز الإيواء حتى منازل المواطنين أنفسهم أعداد النازحين الذين يتوافدون يومياً نحو مدينة رفح، وهذا التدفق جاء بعد أن غدر الجيش بسكان غزة ودفعهم للنزوح نحو الجنوب، ومن ثم طلب منهم ومن سكان مدينة خانيونس التوجه نحو مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، التي باتت مشهداً لآخر لصور المعاناة والتشرد، في ظل النقص الحاد في امدادات الطعام والشراب للنازحين.

باتت مدينة رفح عاجزة عن استيعاب تدفق عشرات الآلاف من النازحين

ووفق شهادة أحد النازحين داخل مدينة رفح ويدعى رأفت العمري فقد أبلغ "حفريات": "في سبيل البحث عن ملاذ آمن لي ولعائلتي وهرباً من ضخامة القصف الإسرائيلي، وتجنباً للمخاطر التي قد تحدث لنا بفعل الضربات الجوية القاسية لجأت إلى مدينة رفح، حيث الوضع الإنساني الصعب داخل المدينة، إلى جانب باقي مناطق جنوب القطاع التي يزداد الوضع فيها سوءاً، بعد أن روجت لها إسرائيل منذ بداية الحرب على أنّها مناطق آمنة، فمدينة رفح يتعرض السكان والنازحون فيها لمجاعة حقيقية، نتيجة التكدس الكبير في أعداد النازحين، بالإضافة إلى أنّ باقي مناطق الجنوب تعاني من مجاعة وظروف معيشية خطيرة، نتيجة قطع الجيش طريق صلاح الدين الذي يربط مناطق جنوب قطاع غزة بالشمال". 

مجاعة حقيقية

وأشار إلى أنّ "هناك عمليات سطو وسرقة من قبل شبان مجهولين على شاحنات تحمل مساعدات وأغذية تابعة لمنظمات دولية في مدينة رفح، نتيجة الجوع الذي يعاني منه النازحون، وهذا المشهد يتكرر داخل مدينة خانيونس التي يواجه سكانها مجاعة حقيقية، وبالتأكيد ذلك يشكل خطراً كبيراً في ظل شح دخول المساعدات الغذائية، وعمليات السطو تحرم النازحين من حقهم في الحصول على المساعدات التموينية".

الحقوقي الفلسطيني صلاح عبد العاطي لـ"حفريات": إسرائيل تحشر أكبر عدد من السكان في مدينة رفح المحاذية لمصر من أجل تحقيق مخطط التهجير

ووصف الشاب العمري حاله كأحد النازحين الذين يعانون من ظروف قاهرة، وقال إنّه "توجه من مدينة خانيونس نحو مدينة رفح، وقام بإنشاء خيمة على رصيف إحدى الطرق العامة، وهذا الواقع مشابه لمئات الأسر النازحة، التي باتت في العراء وبلا أغطية والأمان بالنسبة لها مفقود، ويزداد القلق بالنسبة له من التقلبات الجوية وبرودة الطقس، ما يجعل أطفاله يواجهون خطورة الموت نتيجة البرد الشديد".

التحذيرات تتصاعد من أزمة جوع في رفح

التنكيل بالمدنيين

بدوره يعتبر الحقوقي صلاح عبد العاطي أنّ "ما يقوم به الجيش الإسرائيلي هو حرب إبادة حقيقية بحق المدنيين كهدف أول من أهداف الحرب على قطاع غزة، في ظل عجز القيادة العسكرية الإسرائيلية عن الحصول على أي انجاز على أرض الواقع، وهذا ما كشفته الصور التي فضحت الجيش الذي يواصل إبادة المدنيين داخل مراكز الإيواء، والتنكيل بهم ودفعهم نحو خلع ملابسهم والتعري واعتقالهم إلى مناطق مجهولة".

ولفت في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّ "إسرائيل تحاول حشر أكبر عدد من سكان قطاع غزة في مدينة رفح المحاذية للحدود مع مصر، من أجل تحقيق مخطط التهجير الذي تواصل من خلال إعلامها الترويج له، فهي روجت منذ بداية الحرب على أنّ مناطق الجنوب أمنة، من أجل تسهيل نقل السكان وإفراغ غزة لتسهيل عمليات الجيش، لكن بعد ذلك تبين أنّ الجيش الإسرائيلي قد غدر بالسكان الذين يواجهون نزوحاً آخر". 

ظروف صعبة

وأشار عبد العاطي إلى أنّ "المشاهد الواردة من مدينة رفح وخانيونس صعبة للغاية، ويتزامن ذلك مع الصمت العربي والدولي من تلاعب إسرائيل بالقوانين الدولية ومحاولة الالتفاف عليها، فهي حددت مناطق آمنة للمدنيين ومن ثم باشرت بقصف تلك المناطق، في تجاوز وخرق واضح لجميع القوانين التي تكفل حماية المدنيين خلال الصراعات".

إسرائيل تمارس إبادة جماعية بحق سكان مناطق الجنوب الآمنة

يواصل الجيش الإسرائيلي حربه المستعرة على قطاع غزة مع دخولها الشهر الثالث على التوالي، حيث يواصل الجيش ارتكاب المزيد من المجازر البشعة بحق النازحين المدنيين داخل مراكز الإيواء في مناطق شمال غزة، فيما يواصل استهداف المناطق المأهولة بالسكان في مناطق عدة من مدينة خانيونس، مستهدفاً تهجير السكان وتأزيم أوضاعهم المعيشية.

مواضيع ذات صلة:

عقلية الاحتلال الإسرائيلي من لبنان إلى غزة: العدوان هو الحل (2-3)

هل تجبر حرب محتملة مع إسرائيل زعماء لبنان على التوحّد؟

ما لم يتصوره قادة إسرائيل في يوم من الأيام

 

الصفحة الرئيسية