كيف نواجه استلهام شن الإرهاب من الألعاب؟

كيف نواجه استلهام شن الإرهاب من الألعاب؟

كيف نواجه استلهام شن الإرهاب من الألعاب؟


05/02/2024

تطور العمل الإرهابي وبلغ منتهاه في استغلاله التكنولوجيا وصناعة الترفيه الحديثة، مثل ألعاب الفيديو، حيث استخدمها للتخطيط للهجمات ونشر البيانات، أو استلهام الإلهام منها أثناء شن الهجمات، وعمليات التجنيد للعناصر المستجدة وتحويلهم إلى متطرفين محتملين. وقد نشرت مجموعة إدارة الأزمات التابعة للمركز العالمي لمكافحة الإرهاب نتائج استطلاعها السنوي الرابع حول الكراهية والمضايقات عبر الإنترنت، وقالت إنّ 20% من البالغين يتعرضون لمحتوى عنصري في ألعاب الفيديو عبر الإنترنت.

وقد بلغت تكلفة صناعة الألعاب حوالي (200) مليار دولار أمريكي، وما يقرب من (3) مليارات شخص في جميع أنحاء العالم يلعبونها، ومن هنا يقوم الإرهابيون بجعلها أهدافاً جذابة يستفيدون منها في عدة أشياء؛ أهمها: تحسين صورتهم، وتبادل وجهات النظر حول بعض المحتويات الإرهابية، ثم الاستقطاب لبعض العناصر، بل وتوجيه البعض عن طريق ألعاب الفيديو المخصصة للمحاكاة العسكرية، وإعادة تمثيل أعمال الإرهاب أو حمل السلاح.

لماذا يستخدم الإرهابيون الألعاب؟

تستخدم التنظيمات الإرهابية الإسلامية طريقة اللوعبة (التلعيب) لمنع الأفراد من التمييز بين ألعاب الفيديو والواقع. حيث تقوم هذه التنظيمات بدمج أسلوب اللوعبة في دعايتهم من خلال إدماج هجوم إرهابي في العالم الافتراضي كما فعل حزب الله، أو من خلال تسجيل عمل إرهابي يذكّرنا بألعاب الفيديو كما فعل تنظيم داعش. فيغدو الأفراد الذين يلعبون ألعاب الفيديو هذه أو يتعرضون للصور جزءاً من الدعاية الإرهابية عن غير قصد بسبب عدم إدراكهم للسياق. فألعاب الفيديو التي تُعدّ أهم جزء في قطاع الترفيه يتم تسييسها بهذه الطريقة، وبالتالي تتمكن التنظيمات الإرهابية من نشر دعايتها في جميع أنحاء العالم مستفيدةً من ذلك، وهذا يدلّ على أنّ ألعاب الفيديو يمكن أن تطغى عليها المفاهيم السياسية والعرقية والدينية.

في دراسة نشرها سو هارتجرز وإيفيان ليدج حول دور التكنولوجيا في دعم العمليات الإرهابية، في مركز إدارة الأزمات، فإنّه عن طريق ألعاب الفيديو وغرف الدردشة التابعة لها؛ يستضيف الإرهابيون خوادم ألعاب خاصة بهم، حتى لا يسهل مراقبتها، ويضعون أعينهم على جمهورهم ليستقطبوا منه ما يشاؤون.

عن طريق ألعاب الفيديو وغرف الدردشة التابعة لها؛ يستضيف الإرهابيون خوادم ألعاب خاصة بهم، حتى لا يسهل مراقبتها

وفي دراسة للباحثين التركيين باتوهان أوروج، وعلي كمخ، أنّ الأفراد الذين يمارسون ألعاب الفيديو العنيفة لأكثر من ساعتين في اليوم، هم أقرب إلى الشعور بالاكتئاب من أولئك الذين يلعبون ألعاب الفيديو غير العنيفة لأقلّ من ساعتين في اليوم،  وباختصار، فإنّ ألعاب الفيديو من حيث آثارها السلبية الجانبية في تغيير بنية الفرد النفسية والذهنية، كالآثار الإيجابية لمعظم العوامل التي يتعرّض لها الفرد.

وذكر الباحثان بالدراسة إمكانية إتاحة ألعاب الفيديو للأفراد للتواصل مع الشخصية الافتراضية التي يتحكّمون فيها، والتعاطف والشعور بالمشاعر ذاتها معها. حيث يضع لاعبو الفيديو أنفسهم مكان البطل الرئيسي الذي يسيطرون عليه في العالم الافتراضي ويشهدون قصته، ويشعرون أيضاً بالمشاعر كالغضب والحزن والفرح والسرور التي تشعر بها الشخصية الافتراضية طيلة مدّة اللعبة.

وفي الدراسة نفسها، وجدت الباحثتان راشيل كويرت وأليكسي مارتل وويليام أنّ الألعاب قد تكون بمثابة محفزات تشجع اللاعبين المندمجين بشدة على تبنّي المواقف والسلوكيات المعادية للمجتمع.

تستخدم التنظيمات الإرهابية طريقة (التلعيب) لمنع الأفراد من التمييز بين ألعاب الفيديو والواقع

ويتيح الغموض النسبي لمساحات ألعاب الفيديو فرصة جذابة للقاء عبر الإنترنت وخارج نطاق المراقبة وتطبيق القانون. علاوة على ذلك تساهم بعض الألعاب في خلق ظروف مثالية للتعرض لوجهات النظر المتطرفة.

ووجد تقرير صدر في كانون الأول (ديسمبر) 2021 عن شبكة أبحاث التطرف والألعاب (EGRN)  أنّ الجهود المبتكرة لمنع التطرف العنفي ومكافحته في أماكن الألعاب "لا يمكن اكتشافها تقريباً".

وقال أليكس نيوهاوس، نائب مدير مركز الإرهاب والتطرف ومكافحة الإرهاب، ضمن مؤتمر مطوري الألعاب الشهر الماضي: إنّ التطرف في الألعاب يمثل "تهديداً متزايداً". وقال نيوهاوس: "أصبحت الألعاب منصة توفر الهياكل والبنية التحتية للمتطرفين ضمن تنظيم معيّن، ونشر إيديولوجياتهم البغيضة والمتطرفة".

وتنشر الجماعات المتطرفة رسائل مسيئة، وتعزز من علاقاتها في الألعاب العسكرية التي تشتمل على إطلاق النار مثل "كال أوف ديوتي" (Call of Duty) أو ببجي "Pubg" أو غيرهما.

كما يستخدم الإرهابيون حساب بريد إلكتروني بسيط الإبداع من خلال رسائل في صندوق بريد إلكتروني أو افتراضي، ويقصد بذلك كتابة رسائل دون إرسالها، بحيث لا تخلف وراءها إلا الحدّ الأدنى من الآثار الإلكترونية، ويمكن الاطلاع عليها في أيّ جهاز متصل بالإنترنت في جميع أنحاء العالم من قبل أفراد متعددين يعرفون كلمة السر الخاصة بهذا الحساب.

كيفية المواجهة

استجابة لهذه التطورات، أصبح هناك اهتمام بشكل متزايد في مواجهة التطرف العنيف ومكافحته داخل تكنولوجيا الألعاب، ومنها كيانات مثل شبكة التوعية بالتطرف (RAN)، ومنتدى الإنترنت التابع للاتحاد الأوروبي (EUIF)، وشبكة أبحاث التطرف والألعاب (EGRN)، وكلهم يدرسون ظاهرة العلاقة بين الألعاب والإرهاب، ويعملون على توليد المعرفة وخلق الوعي بهذا الاستغلال، لمنع مكافحة استغلال المتطرفين للتكنولوجيا، بل واستخدام الألعاب في المكافحة.

الألعاب قد تكون بمثابة محفزات تشجع اللاعبين المندمجين بشدة على تبنّي المواقف والسلوكيات المعادية للمجتمع

وقد ركّز باحثون على عمليات المكافحة للتطرف العنيف داخل الألعاب، وذكروا أنّه يمكن لمزيد من البحث في مجتمعات ألعاب معينة تحديد المجتمعات التي لديها نقاط ضعف أعلى تجاه تبنّي المعتقدات المتطرفة، وتجذب عن غير قصد المتعاطفين الذين يمكنهم عرض إيديولوجيتهم على الألعاب التي يلعبونها.

وفي دراسة أخرى أجراها المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، تتعلق بالتعرض للمحتوى المتطرف في المحاكاة العسكرية، رأت أنّ اللاعبين يحاكون التكتيكات والتقنيات والإجراءات العسكرية، وأنّ الإرهابيين يربطون بين أنواع معينة من ألعاب الفيديو، وهنا نبّه الباحثون إلى ضرورة أن نبحث في دور مجتمعات الألعاب المحددة وتأثيرها على التطرف، عن طريق تدخلات فعّالة لمنع التطرف العنيف، وإجراء مزيد من الدراسات لتحديد النطاق الدقيق وتأثير مثل هذه العنصرية والتمييز على أساس الجنس على انتشار التطرف (العنيف) عبر الإنترنت.

اللاعبون يحاكون التكتيكات والتقنيات والإجراءات العسكرية، والإرهابيون يربطون بين أنواع معينة من ألعاب الفيديو والضعف المحتمل للمحتوى المتطرف

ورأت مجموعة إدارة الأزمات الحاجة إلى وظائف أفضل لإعداد التقارير، والتعاون من قِبل مجتمعات الألعاب وشركات الألعاب، وإنشاء سياسات استباقية ونُهج متكاملة لمعالجة العلاقة بين الألعاب والتطرف.

إنّ الألعاب الإلكترونية أصبحت أداة لتعميق الاغتراب ووسيلة للانطواء من خلال إبعاد الأطفال عن ذواتهم وواقعهم، وذلك لأنّ أغلب الحوارات التي تدور عند ممارستهم لألعاب القتل والمغامرة، تتجه إلى التعبير عن الانتماء إلى جماعات اجتماعية جديدة حقيقية في الواقع، تستلهم مُثلها وقيمها ومرجعياتها الثقافية من ثقافة العنف والحرب والتدمير، التي لا تقوم على مبادئ الشرف والحرية والعدالة والتسامح بقدر ما تنادي بالقوة والانتهازية والسيطرة، وهنا يجب أن تتضمن الجهود أفضل الممارسات والمناهج الشاملة التي تبحث في تمكين وإدماج وجهات نظر اللاعبين الفرديين، وتحقيق آليات إعداد تقارير أفضل، وتمثيل شامل من خلال الاستماع إلى اللاعبين وتمكينهم وإشراكهم في تنفيذ إرشادات المجتمع وإنفاذها في الوقت نفسه، إلى جانب فهم أكبر للمشهد المعقد لمجتمعات الألعاب، من أجل مواجهة نافذة وفعّالة.

مواضيع ذات صلة:

كيف تستغل الجماعات الإرهابية ألعاب الفيديو؟

كيف يستغل الإرهاب والتطرف ألعاب الفيديو؟

حظر الألعاب الإلكترونية المحرضة على العنف في العراق

الصفحة الرئيسية