ما هي تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على سوريا؟

ما هي تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على سوريا؟


17/03/2022

لم تضع الحرب الروسية على أوكرانيا أوزارها بعد، وهو ما يعني أنّها ما زالت مفتوحة على قائمة واسعة من السيناريوهات؛ ما بين استمرارها لمدة زمنية قد تطول، خلافاً للمخططات الروسية التي كانت تتطلع إلى حرب خاطفة يتمّ خلالها إسقاط الحكومة الأوكرانية، ومخططات الغرب الذي يريد أن يجعل من هذه الحرب حرب استنزاف لروسيا، على غرار الحرب السوفييتية في أفغانستان التي انتهت بهزيمة الجيش السوفييتي، لا سيّما أنّ طرفي الحرب الحالية "روسيا والغرب" يبنيان مقارباتهما للحرب الأوكرانية في ظلّ تصورات مسبقة من الواضح أنّها لم تغادر الحرب الباردة.

اقرأ أيضاً: كيف تعتزم ميليشيات سورية "الوفاء وردّ الجميل لروسيا"؟

الدول العربية، ومعها قوى إقليمية أخرى في المنطقة "تركيا، وإيران، بالإضافة إلى إسرائيل"، جميعها حاضرة في الحرب الأوكرانية، وبمرجعيات علاقاتها مع طرفي النزاع "روسيا وأمريكا"، أمّا من جهة روسيا، فإنّ تداعيات العقوبات الاقتصادية عليها تُشكّل تحدياً لكافة الدول العربية والإقليمية، خاصة أنّ روسيا وأوكرانيا تُعدّان من أبرز الدول المورّدة للمواد والسلع الغذائية للشرق الأوسط، وأمّا من جهة أمريكا، فالملاحظ أنّ هناك موقفاً جديداً تشترك فيه "تركيا، وإسرائيل، والسعودية، وبعض دول الخليج خاصة الإمارات العربية" لا يؤيد الموقف الأمريكي بالكامل، ويحرص على إبقاء أبوابه مفتوحة أمام روسيا، في إطار مواقف أمريكية تجاه حلفائها من جهة، وتقديرات القوى الإقليمية الفاعلة لما يمكن أن تؤول إليه حرب أوكرانيا من احتمالات تشكيل نظام دولي جديد من جهة أخرى، بالإضافة إلى إنجاز اتفاق نووي مع إيران، لا يأخذ بعين الاعتبار مصالحها من قبل أمريكا.

مآلات الحرب بالنسبة إلى روسيا ستنعكس بشكل مباشر على الساحة السورية، سواء حقق بوتين انتصاراً أو هُزم الجيش الروسي، أو في حال استمرار الحرب واستنزاف الجيش الروسي كما يخطط الناتو

دمشق ليست من العواصم الفاعلة في الملفات العربية والإقليمية، لكنّ حضورها في الحرب الروسية على أوكرانيا هو الأكثر وضوحاً، بدءاً من إعلان دمشق وقوفها سياسياً إلى جانب روسيا، وتجاوز ذلك بتنظيم عمليات تجنيد متطوعين تمّ إرسالهم للقتال إلى جانب القوات الروسية "عددهم (16) ألفاً تبعاً لإعلانات روسية"، ومن المؤكد أنّ مآلات الحرب بالنسبة إلى روسيا ستنعكس بشكل مباشر على الساحة السورية، سواء حقق الرئيس بوتين انتصاراً، أو كانت نتيجة الحرب هزيمة الجيش الروسي، أو في حال استمرار الحرب واستنزاف الجيش الروسي كما يخطط الناتو، استناداً للدعم اللّامحدود بالأسلحة المتنوعة للجيش الأوكراني، بالتزامن مع عقوبات اقتصادية غير مسبوقة، لا يُتوقع أن تخرج منها روسيا منتصرة في هذه الحرب.

اقرأ أيضاً: مسؤول أمريكي يتحدث عن العقوبات على النظام السوري... من تستهدف الاستثناءات؟

سيطرة روسيا المطلقة على سوريا، بما في ذلك خلافاتها مع إيران في سوريا وسماحها للجيش الإسرائيلي بشنّ ضربات على القواعد والميليشيات الإيرانية، ستكون موضع شكوك عميقة في ظلّ مؤشرات أوّلية على أنّ روسيا لن تحقق نجاحات "بالمفهوم التقليدي" في الحروب، كما أنّ من شأن العقوبات الاقتصادية والمالية على روسيا تخفيض حجم الدعم المالي والعسكري الروسي للحكومة السورية، وهو ما يعني فتح آفاق جديدة أمام المعارضة السورية وفصائلها المسلحة، إذ تُشكّل الصواريخ والطيران الحربي الروسي أبرز معيقات تقدّم المعارضة منذ دخول روسيا عسكرياً عام 2015 في سوريا، لا سيّما أنّ سوريا تُعدّ إحدى أبرز الساحات التي ستشهد تصعيداً من قبل الولايات المتحدة وحلف الناتو ضدّ روسيا، رغم أنّها لن تصل في دعمها للمعارضة إلى مستويات الدعم التي يتمّ تقديمها للجيش والمقاومة الأوكرانية.

سوريا إحدى أبرز الساحات التي ستشهد تصعيداً من قبل أمريكا وحلف الناتو ضدّ روسيا، رغم أنّها لن تصل في دعمها للمعارضة إلى مستويات الدعم التي يتمّ تقديمها لأوكرانيا

ورغم احتمالات انعكاس الضعف الروسي بعد حرب أوكرانيا على سوريا، وهو أحد أبرز السيناريوهات المحتملة، إلّا أنّ هناك سيناريو آخر يرتبط بالاتفاق النووي الإيراني الجديد، والتسريبات التي تشير إلى أنّ الإدارة الأمريكية بصدد رفع الحرس الثوري الإيراني عن قائمة الإرهاب مقابل وقف تدخلات هذا الحرس في الإقليم، وهو ما يعني تكرار الموقف الذي تشكّل بعد اتفاق عام "2015" بظهور تقارب خليجي مع إسرائيل يتخذ موقفاً من الاتفاق في ظلّ شكوك عميقة بإمكانية التزام طهران بوقف تهديدات الحرس الثوري والميليشيات التابعة له للمنطقة، ومن المرجح أنّ هذا التحالف الجديد يستثمر الضعف الروسي "بعد حرب أوكرانيا" لانتزاع مواقف جديدة ضدّ التمدد الإيراني في سوريا، ولا يستبعد في ظلّ تحولات مواقف القيادة التركية تجاه إسرائيل أن تكون على مقربة من هذا التحالف الجديد، لا سيّما أنّ مكاسبها من موقفها المعتدل تجاه الأزمة الأوكرانية لم تجد تقديراً من قبل أمريكا والاتحاد الأوروبي، الذي ما زال يبدي تحفظات تحول دون قبول تركيا عضواً في الاتحاد الأوروبي.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية