مخدّرات الأكشاك في القدس: فلسطينيون مسطولون ومبسوطون

مخدّرات الأكشاك في القدس: فلسطينيون مسطولون ومبسوطون


27/03/2022

مستر نايس غاي، جوكسي، مسطولون، مبسوطون، جوكر، سموكرز، هايدرو جرين، ماجيك، بيث بلو، جميعها أسماء متعددة لنوع واحد من المواد المخدرة الكيميائية غير التقليدية، الأكثر خطورة، والتي تصل إلى درجة الموت لمدمنيها؛ حيث يتم ترويج هذه المواد عبر ما تسمى "مخدرات الأكشاك" في بعض الأحياء المقدسية الفلسطينية، مع غياب القوانين الصهيونية، والتي تشجع على ترويج وتوزيع هذه المخدرات في القدس الشرقية.

ومخدر "النايس غاي"؛ نبتة عشبية يتمّ خلطها أو رشّها بسمّ الفئران أو مع مبيدات الحشرات، مثل "K300"، ولها تأثير شديد في الدماغ والأعصاب؛ حيث تحوّل مدمنو الهيروين والمخدرات الثقيلة، مثل الكوكايين والحشيش، إلى تعاطي "نايس غاي"، المخدر الذي بات يسيطر على أكثر من 70% من مجمل عدد المدمنين بالقدس الشرقية وضواحيها.

تُباع مخدرات "نايس جاي" للرجال والنساء والأطفال

وتُباع مخدرات "نايس جاي" للرجال والنساء والأطفال، حيث يتم انتقاء أغلفة زاهية بأسماء جذابة ومثيرة للعواطف، كزيادة القدرة الجنسية للرجال، بينما يتم إيهام السيدات بأنّها عقاقير للتنحيف لإيقاعهن في الإدمان، وذلك دون رقابة حقيقية من سلطات الاحتلال، فأوكار بيع المخدرات إجمالاً ليست بعيدة عن مرأى الأشخاص والشرطة، حيث إنّ مناطق القسم الغربي من المدينة، التي تعيش فيها أغلبية يهودية، يصعب أن تجد فيها نقاط بيع مخدرات، حتى أنّ كثيرين من اليهود يلجأون إلى القسم الشرقي ذو الأغلبية الفلسطينية لشرائها.


يتم انتقاء أغلفة زاهية بأسماء جذابة ومثيرة للعواطف، كزيادة القدرة الجنسية للرجال، بينما يتم إيهام السيدات بأنّها عقاقير للتنحيف

ومعظم مروجي "نايس جاي" وحبوب الهلوسة، والمخدرات الأُخرى غير التقليدية؛ مريبون أكثر من غيرهم من التجار، فهم على علاقة بمافيات إسرائيلية كبيرة، كما أنّ لديهم علاقات بتزوير أراضٍ وبالجاسوسية والدعارة.

القدس الأعلى ضبطاً للمخدرات

وبيّنت الإحصائيات الصادرة عن إدارة مكافحة المخدرات في الشرطة الفلسطينية؛ أنّ محافظة ضواحي القدس كانت المحافظة الأعلى ضبطاً للمخدرات، وبلغت نسبة الضبط فيها 17,4%، ثم محافظة رام الله بنسبة 16,41%، وتلتها محافظة جنين، حيث بلغت 11,2%، فيما سجلت سلفيت أقلّ نسبة ضبط فيها بلغت 2,2%.

اقرأ أيضاً: هل ثبت لعمّان دعم الجيش السوري لمهرّبي المخدرات؟

كما تشير دراسة للمعهد الوطني التابع لوزارة الصحة الفلسطينية، إلى أنّ عدد متعاطي المخدرات (بما فيها القدس وضواحيها) بلغ 80 ألف متعاطٍ؛ في حين زاد عدد المتعاطين بشكل خطر (المدمنين) على 26 ألف و500 مدمن، مع ملاحظة الزيادة في نسبة الإناث المتعاطيات، منهم 16 ألفاً و453 شخصاً في الضفة الغربية، بينهم ألف و118 شخصاً من متعاطي المخدرات بشكل خطر عن طريق الحقن.

عدد متعاطي المخدرات (بما فيها القدس وضواحيها) بلغ 80 ألف متعاطٍ

وأشارت الدراسة إلى أنّ أكثر الأنواع تعاطياً هي مادة "الحشيش" والماريغوانا الصناعية، والترامادول، والليريكا، فيما تشير إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية إلى أنّ عدد المدمنين في مدينة القدس وحدها، يعادل ثلث عدد المدمنين الفلسطينيين في الضفة الغربية.

 

اقرأ أيضاً: الأردن يعلن حصيلة الاشتباكات مع مهربي المخدرات عبر الحدود السورية

ووفق إحصاءات إسرائيلية رسمية؛ تصل نسبة البطالة بين الفلسطينيين بالقدس إلى 25%، في حين أنّ 75% من المقدسيين، البالغ عددهم نحو 360 ألف نسمة فقراء، فيما تصل نسبة الأطفال الفقراء إلى 82%، في حين يصل معدل دخل الفلسطيني هناك نحو ألف دولار، وهو أقل من نصف تكلفة المعيشة في القدس.

مخدرات كيميائية

وأكد الأخصائي النفسي في الاتحاد المقدسي للوقاية من المخدرات والكحول، علاء خروب، في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "مخدرات الأكشاك من المخدرات الكيماوية الممزوجة بنباتات وأعشاب والمعروفة عالمياً بالسبايس والنايس جاي، ولها أسماء كثيرة في العالم، ويتم الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

علاء خروب: الذكور هم من أكثر الفئات تعاطياً للمخدرات والإدمان بنسبة أكثر من الفتيات

 ومن أسباب التعاطي؛ التقليد، وحبّ الفضول، والبحث عن لفت الانتباه، إضافة إلى الإحباط، والفقر، وقلة الفرص في التعليم والعمل، وندرة مرافق الرياضة والترفيه، ومحدودية برامج رعاية الأطفال والمراهقين".

المدير العام لجمعية الهدى لعلاج وتأهيل مدمني الكحول والمخدرات، أحمد حجازي، لـ "حفريات": يصعب على أجهزة  السلطة الفلسطينية والجمعيات المعنية ملاحقة مروجي ومدمني المواد المخدرة 

وتابع خروب بأنّ مخدرات السبايس، والمعروفة أيضاً بـ "نايس جاي"، وأسماء أخرى متعددة، تنتشر في محافظة القدس، حيث يتم تعاطيها عبر تدخينها، "في حين يتم تصنيع غالبية هذه المواد المخدرة محلياً في عدد من الأحياء الفلسطينية بالقدس، وهي رخيصة الثمن مقارنة بالأنواع الأخرى المخدرة، حيث ما تزال هناك معلومات مضللة وتناقل رسائل ترويجية للمخدرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي"، موضحاً: "مؤخراً تم إقرار قوانين تسهّل شراء الماريجوانا الطبية دون الحاجة لوصفة طبية، وكذلك التساهل في إيقاع عقوبة من تثبت حيازته لكميات صغيرة منها ومن مخدر الحشيش أيضاً".

عشرات لقوا حتفهم

وبيّن أنّ "الذكور هم من أكثر الفئات تعاطياً للمخدرات والإدمان بنسبة أكثر من الفتيات، وذلك بسبب الثقافة والوصمة والخجل، وهناك عشرات من مستخدمي المخدرات لقوا حتفهم بالجرعة المفرطة أو من خلال الانتحار أو العنف، والجريمة، حيث يقضي الكثير منهم سنوات في السجن، في حين تباع هذه المخدرات في وضح النهار بشكل شبه علني في الطرقات، وفي البؤر المنتشرة في أرجاء المدينة المقدسة وضواحيها".

اقرأ أيضاً: ضبط كمية كبيرة من المخدرات في شحنة شاي.. أين كانت تتجه؟

خروب أكّد أنّ "عدد متعاطي ومدمني المواد المخدرة مختلفة الأنواع في محافظة القدس يزيد عن 20 ألفاً في المحافظة، أي بنسبة تقارب 2.5% من المجتمع المقدسي، وهي نسبة خطيرة جداً على الرغم من هذه النسبة المنخفضة نوعاً ما، إلا أنه بشكل عام يدق انتشار المخدرات في المجتمع المقدسي ناقوس الخطر، بازدياد هذه الظاهرة بين الفلسطينيين".

هناك عشرات من مستخدمي المخدرات لقوا حتفهم بالجرعة المفرطة

وبيّن الأخصائي النفسي؛ أنّ "هناك تأثيراً مباشراً وغير مباشر للاحتلال الإسرائيلي في انتشار ظاهرة المخدرات في القدس، وذلك نظراً للوضع السياسي والقانوني والاقتصادي الذي تعيشه القدس، وازدياد استخدام المخدرات لدى الشباب، وهذا لا يخفي أنّ هناك أضراراً صحّية ونفسية وسلوكيات سلبية جراء استخدام المخدرات، مثل الأمراض التنفسية، والاضطرابات النفسية والعنف والجريمة والفقر والبطالة".

تجاهل إسرائيلي

من جهته، يقول المدير العام لجمعية الهدى لعلاج وتأهيل مدمني الكحول والمخدرات، أحمد حجازي، لـ "حفريات"؛ إنّ "أبرز الأسباب التي أدت إلى استفحال ظاهرة تعاطي وإدمان المخدرات في المجتمع المقدسي وانتشارها؛ الأوضاع السياسية والاقتصادية السيئة، بالإضافة إلى العوامل الاجتماعية، والتي أدّت إلى ظاهرة التفكك الأسرى، حيث ساهمت جميعها في انتشار آفة تعاطي المخدرات وإدمانها لدى بعض المقدسيين".

أحمد حجازي: الأجهزة الأمنية الفلسطينية لا تستطيع القيام بدورها في محاربة هذه الظاهرة دون التنسيق مع الإسرائيليين

وتابع حجازي: "نظام الضمان الاجتماعي، أو ما يعرف بمخصصات الفطام، ساهمت بشكل كبير في تنامي ظاهرة تعاطي المخدرات والإدمان في القدس، وجعلت المدمن يزداد في التعاطي ، بعد أن ضمن حصوله على الأموال التي تساعده في شراء هذه المواد المخدرة من خلال تلك المخصصات".

ولفت إلى أنّ "دولة الاحتلال عملت منذ سنوات على خطة ممنهجة لإغراق الأحياء الفلسطينية بالقدس بالمخدرات، في ظلّ عدم اهتمام المستوى السياسي وحتى الأمني الإسرائيلي بالمناطق العربية بالقدس، لمحاولة الحدّ من هذه الظاهرة والقضاء عليها، حيث بقيت هذه العوامل أحد أبرز الأسباب التي دفعت لتزايد أعداد مروجي ومتعاطي المواد المخدرة، في ظلّ عدم وجود رادع حقيقي للجمهم".

 

اقرأ أيضاً: الأردن في مواجهة حزب الله لمنع تهريب المخدرات إلى الخليج

وبيّن حجازي أنّ "الأجهزة الأمنية الفلسطينية لا تستطيع القيام بدورها في محاربة هذه الظاهرة دون التنسيق مع الإسرائيليين قبل الدخول إلى مناطق مختلفة بالقدس؛ لذلك يصعب على هذه الأجهزة ملاحقة مروجي ومدمني المواد المخدرة، حتى الجمعيات المعنية بمواجهة الإدمان والمخدرات تواجه صعوبات وتحديات كبيرة، لتقديم العلاج والتوعية من مخاطر هذه الآفة القاتلة، بفعل العوامل السياسية القائمة بمدينة القدس، وتضييقات الاحتلال الإسرائيلية المستمرة على مؤسساتها وسكانها الفلسطينيين بشكل مستمر ومتواصل، وهذا يدلّل على أنّ انتشار المخدرات بالقدس، هو أمر كبير وخطير جداً، وهو في حاجة إلى حلول سريعة لمجابهته بكافة الطرق الممكنة".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية