منظمة الإغاثة الإسلامية تخفق في إثبات عدم ارتباطها بالإخوان... ماذا فعلت؟

منظمة الإغاثة الإسلامية تخفق في إثبات عدم ارتباطها بالإخوان... ماذا فعلت؟


23/11/2020

أخفقت منظمة الإغاثة الإسلامية بألمانيا في إثبات عدم ارتباطها بتنظيم الإخوان المسلمين العالمي، رغم عملية الإصلاح التي تروّج لها، عبر إجراء انتخابات إدارة جديدة للمنظمة.

ونقلت وكالة الأنباء الحكومية الألمانية "د ب أ" عن مدير فرع الإغاثة الإسلامية في ألمانيا طارق عبد العليم قوله: "إننا نأمل في أن يتسنى لنا في المستقبل تنفيذ مشروعات مجدداً بدعم من وزارة الخارجية الألمانية، مثل المشروع الصحي في شمال غربي سوريا".

الجمعية تقدمت بطلب رسمي إلى "الاستخبارات الداخلية" في ألمانيا لوقف ربطها بالإخوان

وقال طارق عبد العليم: "نبذل كل جهدنا لتطبيق الشفافية، ونأمل في دعم الحكومة الفيدرالية"، مضيفاً: "على سبيل المثال، جرى انتخاب مجلس إدارة جديد في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي".

وتحدّث نائب مدير المنظمة نوري كوسيلي عن مراجعة داخلية تجريها الإغاثة الإسلامية في ألمانيا، وينتظر أن تظهر نتيجتها في كانون الثاني (يناير) المقبل.

وبحسب كوسيلي، فإنّ هذه المراجعة تشمل فحصاً أمنياً للمسؤولين في المنظمة، وتطبيقاً لقواعد السلوك.

بالإضافة إلى ذلك، تقدمت الجمعية بطلب رسمي إلى هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" في ألمانيا لوقف ربطها بالإخوان، نافية تماماً أي ارتباط بينها وبين الجماعة.

لكنّ هذه المحاولات اليائسة لم تُجدِ نفعاً حتى اليوم، ولم تنقذ سمعة الإغاثة الإسلامية أو تنهي ارتباطها بالإخوان.

بالمقابل، قالت وزارة الداخلية الألمانية في ردٍّ على استجواب من الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر "يمين وسط": إنّ هيئة حماية الدستور ليست مقتنعة بتحركات الإغاثة الإسلامية للنأي بنفسها عن الإخوان.

ولفتت إلى أنّ ارتباط الإغاثة الإسلامية بالإخوان هو أحد أسباب انتهاء تمويل مشاريع المنظمة من قبل الحكومة الاتحادية في الوقت الحالي.

وتابعت: "وفقاً لمعلومات الوزارة، فإنّ المنظمة الأم، وكذلك فرعها في ألمانيا، لديهما حتى اليوم صلات شخصية ذات أهمية بجماعة الإخوان أو المنظمات ذات الصلة".

وقال نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر ستيفان تومي: إنّ "الحكومة ما تزال تفترض وجود روابط بين الإغاثة الإسلامية والإخوان"، مضيفاً: "الإغاثة الإسلامية ما تزال في بداية طريق النأي بنفسها عن الجماعة، ولا بدّ من بذل الكثير من الجهود في هذا الاتجاه".

وفي نيسان (أبريل) الماضي، جففت وزارة الخارجية الألمانية أحد أهم مصادر دخل منظمة الإغاثة الإسلامية، وهي المساعدات الحكومية.

وقالت الوزارة في إفادة لموقع "يونجل وورلد" الإخباري الألماني: إنّ "منظمة الإغاثة الإسلامية لم تعد تتلقى تمويلاً من الحكومة الألمانية، سواء لمشروع دعم الرعاية الطبية في سوريا، أو غيره".

وأضافت: إنّ "قرار وقف التمويل جاء بعد تولي مكتب التحقيق الفيدرالي مراجعة حسابات منظمة الإغاثة لمدة عام كامل".

اقرأ أيضاً: من أين يستمد إخوان أوروبا قوتهم؟

وكانت منظمة الإغاثة الإسلامية في ألمانيا قد تلقت من وزارة الخارجية الألمانية مساعدات بلغت 1.5 مليون يورو في 2017، و2.5 مليون يورو في 2018.

ووفق موقع "يونجل ورلد"، فإنّ حملات التبرعات التي تنظمها منظمة الإغاثة في ألمانيا تأثرت سلباً، وكذلك تأثر دخل المنظمة في 2019 و2020 بإعلان الحكومة الألمانية بشكل رسمي في نيسان (أبريل) 2019 اكتشافها صلات شخصية ومؤسسية بين المنظمة والإخوان.  

وكانت وثيقة للبرلمان الألماني مؤرخة بـ15 نيسان (أبريل) 2019 قد ذكرت أنّ "هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) ترى أنّ منظمات الإخوان في ألمانيا، ومنها منظمة الإغاثة الإسلامية، خطيرة للغاية".

وتابعت: "منظمة الإغاثة الإسلامية في ألمانيا التابعة للإخوان ترتبط بصلات وثيقة بمنظمات أجنبية، خاصة حركة حماس الفلسطينية".  

ووفق الوثيقة ذاتها، فإنّ الروابط بين منظمة الإغاثة الإسلامية، ومنظمة المجتمع الإسلامي ليست مؤسسية فقط، بل شخصية أيضاً، فإبراهيم الزيات، عضو الهيئة العليا لمنظمة الإغاثة الإسلامية، هو أيضاً رئيس مجلس الشورى التابع لمنظمة المجتمع الإسلامي، ورئيس هذه المنظمة سابقاً، ومحرّك خيوط وأنشطة الإخوان في ألمانيا.

كوسيلي: المنظمة تجري مراجعة داخلية تشمل فحصاً أمنياً للمسؤولين فيها، وتطبيقاً لقواعد السلوك

وتملك جماعة الإخوان وجوداً ملحوظاً في ألمانيا، عبر منظمة المجتمع الإسلامي، والعديد من المنظمات الصغيرة والمساجد المنتشرة في عموم البلاد.

وتخضع هيئة حماية الدستور مؤسسات الإخوان وقياداتها في ألمانيا لرقابتها، وتصنفها بأنها تهديد للنظام الدستوري والديمقراطي.

وكان عضوان من مجلس إدارة المنظمة قد نشرا عدة تصريحات على حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي معادية للغرب وللسامية.

وفي سياق متصل، كانت صحيفة "التايمز" البريطانية قالت نهاية آب (أغسطس) الماضي إنّ مجلس أمناء هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، ومقرها برمينغهام في إنكلترا، سيقدم استقالة جماعية، بعدما كانت الصحيفة قالت إنّ أحد أعضائه استخدم تعابير معادية للسامية.

وقالت الصحيفة، إنّ حشمت خليفة، عضو مجلس أمناء هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، والتي وصلت مواردها خلال خمسة أعوام إلى 570 مليون جنيه استرليني بما فيها تبرعات من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، استقال بعدما قدمت الصحيفة للجمعية ما قالت إنها محتويات معادية للسامية كتبها على صفحته في فيسبوك.

وقالت "التايمز" إنّ خليفة استخدم صفحته على فيسبوك لوصف حركة حماس بأنها "أطهر حركة مقاومة في التاريخ الحديث". واعتبر أن تصنيف جناحها العسكري بالإرهابي "عار على كل المسلمين".

وقامت الجمعية الخيرية بتحقيق أولي في مزاعم الصحيفة، وقالت إنها "تأسف بشدة لأي إساءة تسببت بها".

وشغل حشمت، الذي يحمل الجنسية البريطانية، أدواراً مهمة في الجمعية منذ عام 1999، وكان مؤخراً مديراً للهيئة الإسلامية في أستراليا ومديراً لفروعها في ألمانيا وجنوب أفريقيا.

وإضافة إلى استقالته، أُجبر حشمت على التنحي كمدير لصندوق هبات دولي بمحفظة 7 ملايين جنيه إسترليني تسيطر عليه المؤسسة الخيرية بالكامل. وعيّن مكانه في مجلس الإدارة المعتز طيار.

اقرأ أيضاً: لماذا تراجعت عملية اندماج المسلمين في ألمانيا؟

وأوردت "التايمز" أنّ المعتز طيارة أبدى موقفاً مؤيداً لحركة حماس، ووصف عناصرها بالأبطال، كما أنه أساء بشكل بذيء لزعماء دول عربية، بذريعة أنهم تابعون لبريطانيا والولايات المتحدة، بحسب زعمه، علماً أنّ مقرّ الهيئة يقع في برمنغهام.

وأشار المصدر إلى النعوت القبيحة التي صدرت عن المعتز طيارة للتابعين للديانات الأخرى؛ أي إنّ المدير الجديد لا يختلف في شيء عن خلفه المستقيل.

وكتب طيارة منشوراته عامي 2014 و2015، وتحدثت عنها أولاً الباحثة الألمانية سيغريد هيرمان-مارشال التي نشرتها عام 2017 في مدونة.

وأقرت هيئة الإغاثة بأنها عرفت عن منشورات طيارة منذ 2017، إلا أنها سمحت له بالبقاء في منصبه بعدما اعتذر وألغى المنشورات وجمد حسابه على "فيسبوك".

وفي محاولة لاحتواء الفضيحة، زعمت المنظمة أنها تنشط في المجال الإنساني فقط، ولا علاقة لها بالعمل السياسي، لكنّ الميول الإيديولوجية لمسؤوليها تؤكد عكس ذلك، بحسب متابعين.

الصفحة الرئيسية