هل تتجه واشنطن إلى تصنيف منظمة "كير" الإخوانية إرهابية؟

هل تتجه واشنطن إلى تصنيف منظمة "كير" الإخوانية إرهابية؟


26/12/2021

في ظل الأزمات العنيفة والإخفاقات المتتالية التي تلاحق جماعة الإخوان، المصنفة على قوائم الإرهاب في عدد من البلدان العربية، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن ملابسات إقالة مدير مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير"، في ولاية أوهايو بالولايات المتحدة، رومين إقبال، وذلك على خلفية اتهامات طاولته تتصل بـ"الفساد" و"الخيانة" و"التجسس".

فضيحة تجسس

المنظمة التي تعد أحد أذرع جماعة الإخوان بالخارج، أكدت أنّ المدير المسؤول عن نشاطها، منذ نحو 15 عاماً، قد تورط في التجسس على المجلس لصالح مشروع "ستيفن إيمرسون" الاستقصائي، واعتبرت ما "أقدم عليه المدير المقال خيانة وانتهاك للثقة، جرى التخطيط له منذ سنوات".

اقرأ أيضاً: خطر الإرهاب يتعاظم في أفريقيا... ماذا ينتظر القارة السمراء في 2022؟

ولا تعدو المشكلات التي يتورط فيها المديرون التنفيذيون في منظمة "كير" الإخوانية كونها أمراً جديداً أو مباغتاً، بحسب موقع "عين أوروبية على التطرف"؛ ففي نهاية تسعينات القرن الماضي، صرح عمر أحمد، أحد مؤسسي المنظمة الذي سبق له العمل في الجمعية الإسلامية الفلسطينية (التي سبق اتهامها بجمع أموال أمريكية لحركة حماس)، أنّه "ينبغي عدم مساواة الإسلام في أمريكا بأيّ عقيدة أخرى، بل ينبغي أن يصبح مهيمناً. القرآن هو أعلى سلطة في أمريكا، والإسلام هو الدين الوحيد المقبول على وجه الأرض".

مدير تحرير مؤسسة "ليفانت" اللندنية شيار خليل: تفاقم الخلافات المركزية داخل جماعة الإخوان تتجاوز الأطر التنظيمية والداخلية

وفي حديثه لـ"حفريات"، يشير مدير تحرير مؤسسة "ليفانت" اللندنية، شيار خليل، إلى أنّ إعلان مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير" إقالة مدير فرعه في أوهايو، بسبب اتهامات بالخيانة والتجسس، يترافق والصراعات والانشقاقات التي تحدث داخل جماعة الإخوان التي تشرف على المجلس وتدعمه.

عقّب "المشروع الاستقصائي حول الإرهاب" على تلك الاتهامات، بأنّه لا يراقب المجتمع المسلم الأمريكي الأوسع، غير أنّه لن يتردد في كشف النشاط الإسلامي المتطرف على الأراضي الأمريكية

وتبرز الاتهامات الموجهة لمدير المنظمة، المعروفة بارتباطها بجماعة الإخوان، مدى عمق العلاقة بينها وبين تنظيمات الإسلام السياسي، من بينها حركة حماس، المصنفة على قوائم الإرهاب الأمريكية، بحسب خليل الذي يضيف: "جاءت تلك الاتهامات بعد نحو 15 عاماً من انضمام رومين للمجلس، الأمر الذي يكشف كذلك عن تنامي الصراعات الداخلية، والتي تفضح المزيد من المخططات المشبوهة، التي كانت تدار بواسطة المجلس، وبشكل منهجي وتنظيمي بحت".

خروج خلافات الإخوان للعلن.. ما القصة؟

 ويستنتج خليل أنّ تفاقم الخلافات المركزية داخل جماعة الإخوان، "تتجاوز الأطر التنظيمية والداخلية؛ حيث باتت تخرج للعن، ما سيؤثر على جميع المؤسسات والمجالس المدنية التي ترعاها الجماعة تحت غطاء الأنشطة المدنية والحقوقية. وهذا الاختراق، بالتحديد، شكل مخاوف جمّة داخل الحلقات الضيقة للقيادات التي تدير هذه المجالس، لا سيما أنّ تهمة التجسس المنسوبة للمدير تكشف عن تورطه في نقل وتسريب المعلومات لأكثر من عقد من الزمان".

اقرأ أيضاً: دراسة: خطر الإرهاب لم يتقلص في ألمانيا والنمسا رغم جهود مجابهته

المجلس المدعوم من قبل جماعة الإخوان، يعاني من أزمات داخلية عديدة، وفقاً لمدير تحرير مؤسسة "ليفانت" اللندنية، منها دعاوى قضائية من قبل موظفين سابقين، يتحدثون فيها عن اتهامات تخص حوادث اعتداء جنسي داخل أماكن العمل. ويردف: "إنّ من يتابع أنشطة مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير"، منذ البدايات، وتحركاته الاخطبوطية، سيلاحظ أنّ للمجلس علاقة وثيقة بأنشطة الإخوان في الخارج؛ إذ تسعى الحركة، وبشكل كبير، عبر الهيئات والمنظمات الإنسانية تبني النهج الإسلامي الأيديولوجي المتشدد، وبالتالي، تمرير ما يخدم أهدافها، السياسية والإقليمية، في العالم، وكذا انتشارها بين الجاليات المسلمة، وكل ذلك برعاية تركية وتمويل قطري".

بالمحصلة؛ تسعى الحركة إلى تعزيز تواجدها، من خلال هذه المنظمات، التي تزعم القيام بأنشطة مدنية، في المحافل الدولية، وذلك لجهة تمرير أجندتها، السياسية والأيدولوجية، باسم القضايا الحقوقية والاضطهاد بحق المسلمين، وفقاً للمصدر ذاته، بيد أنّ تراكم الصراعات الداخلية في البيت الداخلي للإخوان، والانشقاقات الأخيرة، سوف تكشف عن حقائق عديدة ومثيرة، كما ستزيل الأقنعة. وهذه المنظمة الإخوانية "ليست أكثر من واجهة لترويج مشاريع ومخططات الإخوان الأيديولوجية في المنطقة".

اقرأ أيضاً: هل صعود اليمين المتطرف مرتبط حقاً بتنامي تيار الإرهاب؟

وتذكر "واشنطن بوست" أنّ مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية قد تورط في أعمال عنف وإرهاب بالولايات المتحدة، لافتة إلى أنّ مدير المنظمة "كان أهم رجل في فرع "كير" في ولاية أوهايو، وكان على صلة وثيقة بأعضاء المنظمة، والمسلمين الداعمين للمنظمة، بشكل عام، كما كان على اطلاع كامل بدعاوى التمييز في العمل، ومشاكل الهجرة، التي كانت المنظمة تقوم برفعها. ومن بين مهامه الاتصال المستمر والمباشر مع المساجد في أوهايو".

مدير تحرير مؤسسة "ليفانت" اللندنية، شيار خليل لـ"حفريات": إعلان منظمة "كير" إقالة مديرها في أوهايو، بسبب اتهامات بالتجسس، يترافق مع الصراعات التي تحدث داخل جماعة الإخوان

وبدورها، أكدت القيادة الوطنية لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، أنّ "إقبال متهم بنقل معلومات سرية عن مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية إلى منظمة معادية للمسلمين لمدة 13 عاماً على الأقل". وتابعت: "إقبال سجل محادثات سراً، وجمع الخطط الإستراتيجية، ورسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالمنظمة، لمشاركتها مع الباحث الاستقصائي الأمريكي، ستيفن إيمرسون، المدير التنفيذي لمنظمة "مشروع استقصائي حول الإرهاب"، والمعنية بالبحث في أصول الجماعات الإرهابية الناشطة بالولايات المتحدة".

أنشطة إرهابية تحت غطاء الأجندة الحقوقية

وفي بيان رسمي، عقّب "المشروع الاستقصائي حول الإرهاب" على تلك الاتهامات، بأنّه "لا يراقب المجتمع المسلم الأمريكي الأوسع"، غير أنّه "لن يتردد في كشف النشاط الإسلامي المتطرف على الأراضي الأمريكية من قبل مجموعات مثل مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية".

البعد الأهم في قضية مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، والمعروف إعلامياً بـ "كير"، هو ما أشارت إليه تقارير أمريكية، بأنّ المنظمة على علاقة وثيقة بحركة حماس، والتي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، حسبما يوضح الباحث في قضايا الأمن الإقليمي والتطرف، محمد فوزي.

اقرأ أيضاً: الإرهاب والجرائم ضد الإنسانية

ويضيف فوزي لـ"حفريات": "تؤكد التقارير ما توصلت إليه العديد من الدوائر الأمريكية من أنّ المنظمة تعتبر فرع الإخوان في الولايات المتحدة. وأهمية هذا البعد يرتبط بتداعياته المحتملة على نشاط المنظمة في أمريكا، خاصة أنّ هناك تحركات أمريكية يقودها السيناتور الجمهوري، تيد كروز، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، والنائب الجمهوري، ماريو دياز بالارات، لتصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية، وذلك عبر حث وزارة الخارجية الأمريكية على استخدام سلطتها القانونية لتصنيف الإخوان منظمة إرهابية أجنبية".

 

اقرأ أيضاً: صعود وسقوط أسامة بن لادن.. لماذا يستمرّ بإلهام ‏‏الإرهابيين؟

وبالتالي، ثبوت علاقة "كير" بحركة حماس والإخوان سيكون له تداعيات، مهمة ومثيرة، على حرية المنظمة وأنشطتها في الداخل الأمريكي، لا سيما أنّ الولايات المتحدة صنفت منظمة الأرض المقدسة الإسلامية، مقرها تكساس، كمنظمة إرهابية، بعد تورطها في تقديم مبالغ مالية لحماس، وفقاً لفوزي، وهو الأمر الذي يمثل "ضربة كبيرة" لتنظيم الإخوان، الذي يوظف المنظمة، دائماً، كأحد جماعات الضغط التابعة له في الولايات المتحدة، من أجل التخديم على أهدافه ومصالحه لدى الإدارات الأمريكية المتعاقبة.

 

اقرأ أيضاً: ضحايا الإرهاب في أفريقيا لا بواكي لهم في إعلام الغرب.. لماذا هذا التحيز؟

وتعني هذه المتغيرات؛ أنّنا قد نشهد مواجهة محتدمة بين المنظمات الموجودة في الولايات المتحدة، والمرتبطة بمشروع الإسلام السياسي، حسبما يوضح الباحث في قضايا الأمن الإقليمي والتطرف، وهي فرضية تعززها نتائج مشروع IPT الاستقصائي، والذي قال إنّه لن يتردد في فضح النشاط المتطرف على الأراضي الأمريكية من قبل مجموعات مثل "كير".

وفي تقدير الباحث المصري، فإنّه حتى وإن لم يكن هناك ارتباط مباشر بين أزمة منظمة "كير" والانقسامات التي تقع تحت وطأتها جماعة الإخوان، في إطار الحرب الدائرة بين جبهتي محمود حسين، في تركيا، وإبراهيم منير، في لندن، لكنّ السياق واحد ومتشابه.

 

اقرأ أيضاً: تفكيك الخطاب المتطرف المؤدي إلى الإرهاب

وفي نظر فوزي، "دائماً ما تشهد المنظمات الإسلامية، بشكل عام، أزمات داخلية ترتبط بتفاقم الفساد الداخلي، وانتشار المحسوبية، ومخالفة القوانين واللوائح الوطنية، فضلاً عن الداخلية التنظيمية، وفقط تحتاج للسياقات المحفزة حتى تظهر إلى العلن".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية