واشنطن تُعلق على المقايضة العراقية الإيرانية: إيران تبتز العراق حكومةً وشعباً

واشنطن تُعلق على المقايضة العراقية الإيرانية: إيران تبتز العراق حكومةً وشعباً

واشنطن تُعلق على المقايضة العراقية الإيرانية: إيران تبتز العراق حكومةً وشعباً


17/07/2023

بعد أن صمتت لأيام عدة، علقت الولايات المتحدة الأمريكية على الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة العراقية بمقايضة إيران بالنفط مقابل الغاز الإيراني، لديمومة الطاقة الكهربائية التي تدهورت بسبب قطع طهران حصة بغداد من الغاز بداية شهر تموز (يونيو) الجاري. 

واعتبرت واشنطن التي تفرض عقوبات مشددة على النظام الإيراني أنّ الأخير يبتز العراقيين، "حكومةً وشعباً"، في ملف الطاقة الذي يعانون منه منذ أكثر من عقدين. ويعتقد مراقبون محليون أنّ الأمريكان غضوا الطرف عن الخطوة التي أقدمت عليها حكومة محمد شياع السوداني مع نظيرتها الإيرانية، من أجل أمن البلاد، وسلامة حكومته الفتية.

وفاجأ السوداني الثلاثاء الماضي المجتمعين المحلي والدولي، عبر إعلان عقد مقايضة بين حكومته ونظيرتها الإيرانية، يقتضي بمنح الأخيرة النفط الأسود مقابل الغاز الذي يديم استمرار الطاقة الكهربائية في العراق.

الخارجية الأمريكية تُعلّق على المقايضة العراقية الإيرانية: أيّ ادعاء بأنّ عقوبات أمريكا على إيران تجعل طهران تحدّ من إمدادات الغاز للعراق هو ادعاء خاطئ

ويُعزى التردي الأخير للطاقة، إلى قطع إيران لإمدادات الغاز المُصدّر إلى العراق، نتيجة عدم تسديد السلطات العراقية الاستحقاقات المالية، التي ترفض واشنطن أن يجري تسليمها لطهران بالدولار، وهو ما يضع بغداد ضحيةً للصراع الدائر بين أمريكا وإيران.

وكانت حكومة السوداني قد دخلت في أولى اختباراتها الخدمية، بعدما احتجت (6) مدن عراقية على تردي الطاقة الكهربائية، وزيادة انقطاع ساعات التجهيز إلى (18) ساعة في اليوم الواحد. وعلى الرغم من الوعود التي أطلقتها الحكومة الجديدة بأنّ الصيف الحالي سيكون مختلفاً عن المواسم السابقة، إلا أنّ دخول شهر تموز (يوليو) وضع الحكومة في دائرة الحرج الشعبي.

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني في كلمة متلفزة يعلن الوصول لحل أزمة الطاقة في البلاد


وأنفقت السلطات العراقية منذ تغيير النظام السابق في نيسان (أبريل) 2003 لغاية الآن (81) مليار دولار على القطاع الكهربائي من أجل تحسينه، إلا أنّ الفساد المهيمن بمفاصل الدولة يقف عقبة قوية أمام توفير الطاقة وسائر المستلزمات الخدمية الأخرى.


"ادعاء خاطئ"

وعلى إثر عقد المقايضة العراقية الإيرانية لديمومة الطاقة في العراق، أدلت الولايات المتحدة الأمريكية بموقفها إزاء تلك المقايضة التي اعتبرها البعض بمثابة التفاف عراقي على العقوبات الاقتصادية التي تفرضها واشنطن على طهران، وأكدت الخارجية الأمريكية أنّ ادعاء بأنّ العقوبات المفروضة على إيران تضر بالطاقة العراقية، هو "ادعاء خاطئ".

وقالت الوزارة على لسان المتحدثة باسمها: إنّ "أساسيات سياستنا تبقى على ما هي عليه، وهي أنّه يمكن لإيران فقط الوصول إلى عائدات مشتريات الطاقة العراقية من أجل المعاملات الإنسانية وغيرها من المعاملات غير الخاضعة للعقوبات".

مراقبون عراقيون أكدوا أنّ أمريكا تحاول أن تغضّ الطرف عن المسعى الأخير للحكومة العراقية، ولا سيّما أنّ العراق لا يملك حلاً إزاء تردي واقع الطاقة فيه، فضلاً عن اندلاع احتجاجات تهدد أمنه

وأضافت أنّ "الولايات المتحدة تدعم بقوة مسار العراق نحو الاستقلال الذاتي في مجال الطاقة والجهود التي تبذلها الحكومة العراقية لتحسين الخدمات الأساسية للشعب العراقي"، مؤكدةً أنّ "أيّ ادعاء بأنّ العقوبات الأمريكية على إيران تجعل طهران تحدّ من إمدادات الغاز للعراق هو ادعاء خاطئ". 

الخارجية الأمريكية تعلق على المقايضة العراقية الإيرانية

ولفتت إلى "وجود تشاور منتظم مع السلطات العراقية حول العقوبات المفروضة على إيران، والتي ما تزال سارية بسبب الأنشطة النووية الإيرانية المستمرة"، وأنّ "حدّ إيران من إمدادات الغاز يهدف للضغط وابتزاز الحكومة العراقية وشعبها". 


"واشنطن تغضّ الطرف"

من جهتهم، أكد مراقبون عراقيون أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تحاول أن تغضّ الطرف عن المسعى الأخير للحكومة العراقية، ولا سيّما أنّ العراق لا يملك حلاً إزاء تردي واقع الطاقة فيه، واندلاع احتجاجات من المرجح أن تهدد الأمن في البلاد، مؤكدين أنّ الحكومة استنفدت كل خياراتها مع الجانبين الأمريكي والإيراني قبيل توقيع عقد المقايضة. 

ويقول الخبير النفطي فرات الموسوي: إنّ "ملف الطاقة في العراق ملف كبير، وإدارته صعبة للغاية، خصوصاً في أشهر الصيف الحار، وقد أدى الضعف بالكهرباء إلى إسقاط إحدى الحكومات السابقة، والحكومة الحالية تدرك حجم هذا التحدي، ومشكلات ومعضلات هذا الملف".

المحلل السياسي وليد الماجد: التصدير الإيراني للنفط ليس سراً على أحد، وإنّما بعلم الجميع، وحتى السفير الإيراني في العراق حينما سُئل عن كيفية إبرام عقد المقايضة في ظل العقوبات الأمريكية، اكتفى السفير بالابتسامة

وتابع: إنّ "المشكلة الأساسية في العراق هي تهالك منظومة الكهرباء، وعدم وجود غاز كافٍ، فضلاً عن مشاكل أخرى تزيد من صعوبة الموضوع"، موضحاً أنّه "قبل أن تقايض الحكومة العراقية بالنفط مقابل الغاز، حاولت أن تحل الموضوع عبر إرسال مفاوضين للجانبين الإيراني والأمريكي". 

وأشار إلى أنّ المفاوضين العراقيين "طلبوا من الإيرانيين الموافقة على تأخير سداد المستحقات لشهرين، على الرغم من أنّها موجودة لحين إكمال المفاوضات مع الخارجية الأمريكية، لإزالة بعض العقوبات حتى يتمكن العراق من إرسال المبالغ بعملة بالدولار"، مستدركاً بالقول: "لكن لم يثمر التفاوض مع الجانبين عن أيّ نتيجة". 

ويفرض البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قيوداً واسعة على التحويلات التي يجريها العراق نهاية عام 2022، في مسعى منه للحدّ من تسرب الدولار وغسل الأموال والاستيلاء غير القانوني على الدولارات التي توجه إلى إيران وحلفائها في المنطقة.

إحسان العوادي مدير مكتب رئيس الوزراء لدى توقيعه عقد المقايضة مع السفير الإيراني في العراق محمد كاظم آل صادق

ويعلل المحلل السياسي وليد الماجد سعي الحكومة العراقية لخيار المقايضة إلى "عدم وجود حل آخر"، مبيناً أنّ "ساعات قطع الكهرباء تجاوزت الحدّ المعقول، والتظاهرات في الشوارع، وتعرّض الأمن العام للخطر، هو ما جعل الحكومة تعتمد على هذا الحل الوحيد، لأنّها طرقت كل الأبواب ولم تصل إلى حل".  

وفيما يتعلق بتجاوز العراق مبدأ العقوبات الأمريكية على إيران، أوضح أنّ "الأمريكيين يغضّون النظر عن بعض الأمور أحياناً، وهم يعلمون أنّ الإيرانيين يصدّرون النفط إلى الهند، وبعض الدول الأسيوية، بينما هناك عقوبات أمريكية سارية المفعول ضد طهران"، مبيناً أنّ "التصدير الإيراني للنفط ليس سراً على أحد وإنّما بعلم الجميع، وحتى السفير الإيراني في العراق حينما سُئل عن كيفية إبرام عقد المقايضة في ظل العقوبات الأمريكية، اكتفى السفير بالابتسامة، في إشارة إلى وجود بعض الخفايا غير المعلومة بين الأطراف الـ (3)، العراق، وأمريكا، وإيران"

مواضيع ذات صلة:

سياسيون عراقيون لـ"حفريات": نجاح السوداني يعتمد على هذه الشروط

إيران تواصل انتهاكاتها للأراضي العراقية... ما الجديد؟

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية