الإخوان المسلمون في مصر.. فتش عن الإنكليز

الإخوان المسلمون في مصر.. فتش عن الإنكليز


07/01/2019

أحمد الحناكي

لعل خطورة الإخوان المسلمين أصبحت واضحةً الآن أكثر من أي فترة مضت في تاريخها المغموس بالدم والاغتيالات ومحاولة فرض سياسةٍ عفا عليها الزمن، وبالعودة لبداية نشأتهم ونشاطهم عام 1928، لا بد وأن نلحظ أن من موّل حسن البنا الذي أصبح أول مرشد لهم بعد أن اجتمع مع ستة أشخاص من العاملين في معسكر الإنكليز (من المضحك أن شاباً مدرساً للغة العربية في الـ22 من العمر هو من سيتحكم بالمسلمين في أنحاء المعمورة كافة آنذاك)، أقول إن أول من موله هم الإنكليز الذين دفعوا للملك فاروق 400 جنيه مصري لمنحها للبنا ومن معه، ولا يحتاج شرح هدف الإنكليز من ذلك إلى تفسير، فمن صالحهم وهم يستعمرون مصر آنذاك أن تنشأ جماعة مشبوهة متطرفة كهذه تضعف مصر من الداخل وتخلق حروباً داخلية تعميهم عن العدو الحقيقي وهو المستعمر الإنكليزي.

ما يحدث الآن هو حصاد لتلك المرحلة الكارثية، فتخيلوا لو لم تنشأ تلك «الجماعة» ماذا سيكون عليه مصير مصر والعالم العربي والعالم بأجمعه؟! وضع المرشد أسس تكوين الجماعة، وتمثّلت في ثلاثة أجيال على النحو التالي:

جيل التكوين: وهذا الجيل عليه أن يستمع، والطاعة ليست فرضاً عليه.

الجيل المحارب أو جيل الجهاد: وهذا الجيل هو جيل التنفيذ، والطاعة التامة فرض عليه.

جيل الانتصار: وهذا الجيل هو الذي سيتولى أمر المسلمين بعد الانتهاء من الحروب التي ستخوضها «الجماعة»، لكى يحكموا بالشريعة الإسلامية في دولة الخلافة التي ستتوارث الحكم.

أسس تكوين الجماعة تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن القوم كانوا يخططون ومنذ بدايتهم إلى أساليب العنف والتخريب، ليس ذلك فحسب، بل كانوا يرفضون أن يُمس الإنكليز بأي ضرر، وكانت حجة البنا في ذلك بعد أن طلب منه أحمد حسين مؤسس حركة «مصر الفتاة» التعاون معه بعمل عسكري ضد الإنكليز قوله: «إننا لا نبحث عن مغامرة قد تخيب الآمال وتفشل، وإنما نبحث عن مغامرة ناجحة، لأن الفشل سيكون فيه ضرر على الحركة والعالم الإسلامي كله».

ما قاله البنا يبين بجلاء أن مصر آخر هموهم، فهم يخشون على الحركة، وإلا هل هناك ضرر أكثر من كون مصر محتلة من قبل الجيش الإنكليزي؟!

كرر ذلك حسن الهضيبي إبان أن كان نائباً لجماعة الإخوان، وذلك عندما قامت حكومة الوفد بإلغاء معاهدة 1936 في شهر تشرين الأول (أكتوبر) 1951، إذ بادر الهضيبي بمقالة نشرت في جريدة الجمهور المصري يوم 15 أكتوبر 1951، مفادها أن أعمال العنف لن تخرج الإنكليز من البلاد، إذ قال: «هل تظن أن أعمال العنف تخرج الإنكليز من البلاد؟ إن واجب الحكومة أن تفعل ما يفعله (الإخوان) من تربية الشعب أولاً ثم بعد ذلك إخراج الإنكليز».

في الوقت نفسه الذي ابتدأ فيه انتشار هذا الفكر الدموي، كانت ماكينة الإعلام الإخواني المنظمة تعمل على تشويه كل من يقف ضدها، وتلميع صورة أعضائها حتى لو عمدت إلى وسائل تزوير وتشهير، فهم - مثلاً - دائماً ما يكذبون حادثة «المنشية»، وهي محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، التي اعترف المؤرخ أحمد رائف بصحتها بعد أن نفاها مراراً من قبل، فضلاً عن محاولاتهم الدؤوبة طوال تاريخ عبدالناصر معهم لاغتياله، باعتراف إبراهيم الطيب وكذلك شهادة عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين أحد قيادات الجماعة الدكتور السيد عبدالستار المليجي ومحمد نجيب راغب والأونباشي سعيد وغيرهم.

بالنسبة للتلميع، أحيلكم لكتاب الباحث علي العميم «شيء من النقد شيء من التاريخ»، إذ ذكر العميم أن محمد رجب البيومي أحد أصدقاء سيد قطب تصدى لمحمود محمد شاكر، الذي كتب أربع مقالات يهاجم فيها سيد قطب وكتابه «العدالة الاجتماعية في الإسلام»، لكنه بحسب استطراد العميم فإن التصدي تم بعد سنة من مقالته الثالثة «لا تسبوا أصحابي»، وليس عندما كتب مقالته الأولى «حكم بلا بينة»، وأردف: «والحق أن مقالات شاكر الأربع تتعدى الرد على ما كتبه سيد قطب بشأن الصحابة إلى خطورة أفكاره التكفيرية، مثل القول إن الاسلام لم يطبق ولم يعمل به منذ القرن الأول الهجري أي بعد فترة الرسول وفترتي أبي بكر وعمر، وهذا القول شاع وتم تبنيه لاحقاً عند عدد من الحركات الإسلامية وعدد من المثقفين الإسلاميين كالنفيسي».

عن "الحياة" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية