اعتقالات بالجملة في صفوف قيادات حركة النهضة الإخوانية.. هل حانت ساعة الحساب؟

اعتقالات بالجملة في صفوف قيادات حركة النهضة؛ هل حانت ساعة الحساب؟

اعتقالات بالجملة في صفوف قيادات حركة النهضة الإخوانية.. هل حانت ساعة الحساب؟


20/02/2023

اعتقلت السلطات التونسية، مساء الإثنين الماضي، نائب رئيس حركة النهضة، ووزير العدل الأسبق، نور الدين البحيري، في إطار حملة شملت قيادات سياسية وقضائية معروفة، ورجال أعمال نافذين؛ للتحقيق معهم في قضايا تتعلق بالتآمر على أمن الدولة، والتخطيط لقلب النظام.

كذلك أعلنت محطة "موزاييك اف إم" الإذاعية، على موقعها، أنّ فرقة أمنية فتشت مساء الإثنين "منزل مدير عام إذاعة موزاييك، نور الدين بوطار، وإيقافه، دون الإفصاح لعائلته عن سبب الإيقاف".

القيادي في حزب النهضة الإخواني، نور الدين البحيري، شغل منصب وزير العدل في حكومة حمادي الجبالي، بين عامي 2011 و2013، ثم أصبح وزيراً معتمداً لدى في حكومة علي العريض بين عامي 2013 و2014.

نور الدين البحيري،  سبق له أن وُضع نحو ثلاثة أشهر تحت الإقامة الجبرية؛ لوجود شبهة إرهاب في ملفه، وهو موجود على ذمة الأبحاث القضائية، في قضية منح جوازات سفر وشهادات جنسية وبطاقات هوية، بطريقة غير قانونية، إلى أشخاص أجانب لأغراض إرهابية.

يأتي ذلك في إطار موجة اعتقالات شهدتها تونس؛ شملت السياسي خيام التركي، ورجل الأعمال صاحب النفوذ الواسع في مجال المال والسياسية، كمال اللطيف، والقيادي السابق بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، ورئيس محكمة التعقيب السابق الطيب راشد، وقاضي التحقيق السابق البشير العكرمي، الذي كان مكلفاً بملف اغتيال المعارضين السياسيين: شكري بلعيد، ومحمد البراهمي.

سقوط المافيا

"حفريات" تواصلت مع زهير حمدي، رئيس حزب التيار الشعبي، لكنّه تحفظ على التعليق على قرارت التوقيف، باعتبار أنّ الوضع العام لا يسمح بالتعليق، طالما الأمر قيد التحقيق. غير أنّه وصف ذلك باللحظة المفصلية في تاريخ تونس؛ حيث إنّ سقوط المافيا التي تحكمت في البلاد منذ العام 2011، بحسب توصيفه، سوف يسمح يقيناً بأفق جديد؛ شريطة عدم التدخل الأجنبي.

القيادي في حزب النهضة الإخواني، نور الدين البحيري

جدير بالذكر أنّ الرئيس قيس سعيّد، دعا غير مرة  إلى ضرورة تطبيق القانون، ومحاسبة كل من أجرم في حق البلاد وشعبها، وقال إنّه "لن يقبل إلّا بالانتصار، والقضاء على أعداء الدولة والشعب". كما اتهم أطرافاً لم يسمها بالتآمر على أمن الدولة.

من جانبه توقع المحامي والناشط السياسي، عبد الناصر العويني أن تكون قائمة الموقوفين مفتوحة، لتشمل بالترجيح آخرين، في إطار تكوين وفاق لقلب نظام الحكم.

زهير حمدي: سقوط المافيا التي تحكمت في البلاد منذ العام 2011، سوف يسمح يقيناً بأفق جديد؛ شريطة عدم التدخل الأجنبي

وأضاف في تصريحاته لـ"حفريات" أنّ حركة النهضة ستواجه التحقيقات في جميع ملفاتها، عبر عديد القضايا المنظورة، مثل: التنظيم السري، وتسفير الشباب لبؤر التوتر الساخنة، فضلاً عن قرار حجز علي العريض، نائب رئيس حركة النهضة، وقضية الجهاز المالي السري، وكذا  تبييض الأموال.

قراءة في دلالة التوقيت

الكاتب التونسي ناصر التليلي، أشار إلى دلالة التوقيت في قرار ايقاف قيادات النهضة، نور الدين البحيري وبشير العكرمي وعبدالحميد الجلاصي؛ إذ يراها مرتبطة بحادثة تهريب السيدة أميرة بوراوي، المطلوبة من السلطات الجزائرية، والتي أكدت تآمر تحالف القوى المعارضة بقيادة النهضة، ضد مسار 25 تمّوز (يوليو)، وسعيهم تجاه توظيف ذلك؛ عبر تخطيهم جميع الخطوط الحمراء، بحيث كانت خطتهم ترمي الى خلق فتنة ما بين الشعب التونسي والجزائري، من خلال تضخيم أبواق النهضة الإعلامية للحادثة، والتي ربما كادت تؤدي إلى أحداث لا تحمد عقباها، لولا حكمة الرئيسين التونسي والجزائري، وسعيهما إلى إطفاء تلك المؤامرة المشينة، وهذا ما استوجب قطع دابر مخططات حركة النهضة وحلفائها من مافيات الفساد، وشن حملة اعتقالات؛ طالت العديد من الاشخاص المتورطين، وعلى رأسهم البحيري والعكرمي والجلاصي.    

الرئيس قيس سعيّد دعا غير مرة  إلى ضرورة تطبيق القانون، ومحاسبة كل من أجرم في حق البلاد وشعبها

التليلي تابع حديثه لـ"حفريات"، لافتاً إلى أنّ قرار الإيقاف شمل سياسيين وإعلاميين وقضاة ورجال أعمال، وأنّ ثمّة رابطاً يجمع فيما بين كلّ هؤلاء، ولا ريب في أنّ النهضة وحلفاءها، خلال "العشرية السوداء" من حكمهم بنوا مع مافيات الفساد شبكة تغلغلت في جميع مفاصل الدولة ومؤسساتها، وكذا شبكات التهريب، واخترقت الحركة البنوك، والإعلام، ومجال الرياضة، والأسواق الموازية، وبالتالي فإنّ هؤلاء يدافعون عن مصالحهم ضد مصالح الشعب التونسي.

إعادة هيكلة المؤسسة القضائية

استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، يوم الجمعة العاشر من شباط (فبراير) الجاري، بقصر قرطاج، السيدة ليلى جفال، وزيرة العدل.

وتناول اللقاء جملة من المواضيع التي تتعلق بسير المرفق العمومي للقضاء، ومآل عدد من القضايا التي بقيت حبيسة الأرفف دون بت لمدة أعوام.

عبد الناصر العويني: قائمة الموقوفين مفتوحة، لتشمل بالترجيح آخرين، في إطار تكوين وفاق لقلب نظام الحكم

وتطرق رئيس الجمهورية إلى موضوع اللجنة التي وقع إحداثها؛ لمتابعة سير قضيتي الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وأوضح، في هذا السياق، أنّ السير الطبيعي للعدالة لا يقتضي إحداث مثل هذه اللجان، ولكن للأسف هذه القضية وغيرها بقيت عالقة، هذا فضلاً عن إتلاف بعض الوثائق، وكان يفترض أن تتولى النيابة العمومية إثارة دعاوى ضد من قام بهذه الأعمال، التي هي في الواقع جرائم؛ تهدف إلى طمس معالم جرائم أخرى.

وجدّد رئيس الجمهورية التأكيد على الدور الذي يضطلع به القضاء، في هذه المرحلة الدقيقة التي تعيشها تونس، مشدّداً على ضرورة محاسبة كل من أجرم على قدم المساواة، لافتاً إلى أنّه من غير المعقول أن يبقى خارج دائرة المحاسبة، من له ملف ينطق بإدانته قبل نطق المحاكم، فالأدلة ثابتة وليست مجرّد قرائن.

وأشار رئيس الجمهورية إلى أنّ الشعب التونسي يريد المحاسبة، وقد طال انتظاره، والواجب المقدس يقتضي أن تتم الاستجابة لهذا المطلب في أسرع الأوقات؛ لأنّه مطلب شعبي مشروع.

الشهيدان شكري بلعيد ومحمد البراهمي

وبالعودة الى الكاتب التونسي، ناصر التليلي، وبسؤاله حول مدى توسع الرئيس قيس سعيّد نحو فتح جميع ملفات النهضة، أشار إلى أنّ سعيّد سوف يستعمل كل ما في جعبة الدولة الوطنية، من الأسلحة القضائية والقانونية وغيرها اذا ما لزم الأمر، وذلك ما أكده الرئيس نفسه في حديثه الذي تم بثه عبر صفحة الرئاسة على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، مساء الثلاثاء الرابع عشر من شهر شباط (فبراير) الجاري.

ويتابع التليلي قائلاً: "بالطبع سيتم الاشتباك مع كافة القضايا والملفات العالقة، فقد أعلنت هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، عن عديد من المتورطين، ومنهم بشير العكرمي، وقيادات معروفة، وأخرى كانت بالحكم؛ مثل: نورالدين البحيري، الذي كان وزيراً للعدل، والسيد الفراتي وزير الداخلية الأسبق، وسيتم بالفعل فتح ملف التجارة، وتسفير الشباب الى بؤر التوتر الساخنة كسوريا و ليبيا" .

ناصر التليلي: قرار الإيقاف شمل سياسيين وإعلاميين وقضاة ورجال أعمال، وأنّ ثمّة رابطاً يجمع فيما بين كلّ هؤلاء

ويختتم ناصر التليلي تصريحاته لـ"حفريات"، بالحديث حول ماهية المسار السياسي، واستكمال خارطة ٢٥ تمّوز (يوليو)، في ظل الاختلاف مع الاتحاد التونسي للشغل، قائلاً إنّ الاتحاد التونسي للشغل هو أحد ركائز الدولة التونسية، وربما سعت النهضة مع حلفائها إلى اختراقه، كما فعلت مع باقي مؤسسات الدولة التونسية، خلال "العشرية" التي حكمت فيها. مرجحاً أنّ قواعد الاتحاد التونسي للشغل، لن تنجر نحو مواجهة مسار 25 تمّوز (يوليو)، الذي اختاره الشعب التونسي. فأولاً و أخيراً الاتحاد التونسي للشغل، سوف يصطف مع مصالح الشعب التونسي؛ لأنّه جزء لا يتجزأ من الشعب التونسي، وفشلت النهضة وحلفاؤها مراراً، خلال كل معاركهم، في كسب ولاء الاتحاد، فهو تاريخ كبير، وقيادته الحالية التي زورت تمديد وجودها على رأس القيادة، في سابقة تاريخية لم تحصل من قبل، هي لحظة عابرة سوف تطوى على حد قوله.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية