الطرح المصري في مؤتمر سنغافورة لتجارب مواجهة الإرهاب

الطرح المصري في مؤتمر سنغافورة لتجارب مواجهة الإرهاب

الطرح المصري في مؤتمر سنغافورة لتجارب مواجهة الإرهاب


24/04/2024

عُقد في سنغافورة مؤتمر عالمي بعنوان: "التجارب الوطنية في مكافحة التطرف والإرهاب"، وذلك في الفترة من 13 إلى 18 نيسان (أبريل) 2024م، بمشاركة (40) دولة، وفي المؤتمر تم عرض تجربة دار الإفتاء المصرية ومركز (سلام) في مكافحة التطرف، من خلال العرض الذي قدمه الدكتور إبراهيم نجم، الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء ومستشار مفتي مصر.

أهم المحاور:

وقد تناولت كلمة فضيلته عدة محاور، نكتفي بذكر (4) منها:

المحور الأول: ألقى فيه الضوء على التجربة المصرية في مكافحة التطرف والإرهاب، وكيف أنّ هذه التجربة مثَّلت نموذجاً يُحتذى، لأنّها عكست استراتيجية محكمة في التواصل ومواجهة التطرف ونبذ الصراعات، معتمدة على العديد من المسارات كمبدأ الشراكة، متجاوزة محيطها الإقليمي، من ثَم نرى التأثير المصري نتيجة لهذا التواصل في العمق الآسيوي والأطراف الأوروبية، وقد أدت مصر في حربها على الإرهاب والقضاء عليه أداء مذهلاً، وبرهنت على قوة رؤيتها، وتعدد محاورها وأدواتها الفعَّالة، برعاية من القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي واجه التحديات المحيطة بالدولة المصرية بحكمة وبصيرة وعقلانية واقتدار.

المحور الثاني: أنّ العمل الإرهابي لا يكون بمعزل عن أسبابه المتعددة، وأوّلها  الأفكار المتطرفة التي تلعب دور السند الإيديولوجي المُبَرِّرِ للأعمال الإرهابية، مع الأسباب المتعلقة بعوامل التهميش الاقتصادي والسياسي والصراعات القبلية والإثنية، وتأجيج النزعات الانفصالية، ومن خلال الأفكار المغلوطة تصاعدت التنظيمات الإرهابية، وسعت إلى تكوين أذرع إقليمية، وتوطيد العلاقات مع تنظيمات أخرى، كما هو الحال في غرب ووسط أفريقيا.

العمل الإرهابي لا يكون بمعزل عن أسبابه المتعددة، وأوّلها  الأفكار المتطرفة التي تلعب دور السند الإيديولوجي المُبَرِّرِ للأعمال الإرهابية

المحور الثالث: قيام دار الإفتاء المصرية بصناعة الإفتاء على المنهج المؤسسي الوسطي المعتدل، هي والمؤسسات الدينية في مصر، وهذا الأداء المؤسسي الجماعي في صناعة الفتوى يختلف تماماً في مضمونه ومعطياته ونتائجه عن الإفتاء العشوائي السطحي الذي يمارسه بعض المتعالمين والهواة.

ومن هنا كانت الدار - برئاسة مفتيها الأستاذ الدكتور شوقي علام - هي الصوت المرجعي العالمي لإصدار الفتاوى في مصر والعالم الإسلامي، وأصدرت قرابة مليون ونصف المليون فتوى كل عام بـ (12) لغة مختلفة، وتلك من أهم الخطوات للفهم الصحيح للعلاقة بين الإسلام والعالم، وليس كما يفهم البعض في الغرب أنّها مجرد أحكام سياسية من قِبل قادة الدول.

وفي هذا الإطار استطاعت دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم أن تقوم بدورها في تفعيل دور الفتوى في التواصل الحضاري، من خلال العديد من الجهود والمبادرات، التي من بينها إيفاد القوافل الخارجية لتعزيز التواصل بالجاليات المسلمة في الغرب، ومد جسور التواصل بين الخارج والداخل، من خلال تعبير تلك القوافل عن الخطاب الديني المصري المستنير.

المحور الرابع: إنشاء مركز (سلام) لدراسات التطرف، الذي يأتي ضمن مجهودات دار الإفتاء في مواجهة التطرف والإرهاب، وهو المركز الذي يُعدّ منصة بحثية وأكاديمية تعمل تحت إشراف الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم ودار الإفتاء المصرية، وتُعنى بدراسة وتحليل ظاهرة التطرف الديني، ويرتكز مركز (سلام) على أسس علمية في تعميق المناقشات العامة والأكاديمية والدينية المتعلقة بقضية التشدد والتطرف، ودعم عملية صنع السياسات الخاصة بمكافحة التطرف وقايةً وعلاجاً، ويعتمد المركز على استراتيجيات متعددة لمواجهة التطرف والإسلاموفوبيا، بوساطة أدوات الذاكرة الرصدية المتطورة.

(8) رسائل من الأمانة العامة:

وفي ختام كلمتها أرسلت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء (8) رسائل للمؤتمر وللمعنيين بالأمر:

الرسالة الأولى: من الخطأ في حق أوطاننا وديننا أن نترك الساحة الدولية للمتطرفين فارغة، يشوهون فيها صورة الإسلام والوطن.

الرسالة الثانية: الإسلام الصحيح قادر على إسكات الأقلية المتطرفة، وعلى ذلك يجب توسعة تيار الاعتدال داخل المجتمعات وفي المناهج العلمية بالجامعات والمدارس والحواضن التربوية المختلفة.

 الرسالة الثالثة: الإرهابيون يتعبدون بسفك الدماء المحرمة ويجاهدون بالقتل والإرهاب، وكتبهم تنضح بهذه المعاني، فلا بدّ من إيصال هذه الصورة، لتعي المجتمعات حدود الخطورة.

الرسالة الرابعة: على وسائل الإعلام وحكومات العالم أن تكون أكثر تدقيقاً عند تعاملها مع علماء الدين، حتى يتغلب صوت الاعتدال على صوت الأقلية المتطرفة. 

الرسالة الخامسة: الدين الصحيح قادر على توفير حلول لمواجهة التحديات العصرية التي تواجه العالم، ولنا في مؤتمرات ومخرجات وأعمال الأمانة العامة نماذج كثيرة.

الرسالة السادسة: تبادل المعرفة بين الشباب هو الطريق المضمون من أجل تحسين قيم التسامح  والتعارف بين الجيل القادم من القادة.

الإرهابيون يتعبدون بسفك الدماء المحرمة ويجاهدون بالقتل والإرهاب، وكتبهم تنضح بهذه المعاني، فلا بدّ من إيصال هذه الصورة، لتعي المجتمعات حدود الخطورة

الرسالة السابعة: على العالم كله اتخاذ تحذير الدولة المصرية من خطورة اتساع دائرة الصراعات في العالم بالجد والجزم، لأننا اليوم لا نحتمل نشوب المزيد من الصراعات والتجارب المريرة التي اعتمدت فيها خيار القوة والبطش كحلٍّ لفض الاشتباكات وإنهاء الصراعات، فقد أثبت البطش وخيار القوة واستعمار الأرض فشله الذريع.

الرسالة الثامنة والأخيرة: إننا نحتاج اليوم إلى التأسيس لاستراتيجية فعَّالة، تتضمن تواصلاً كاملاً مع العالم الخارجي، وإحداث قنوات متعددة لذلك التواصل، تعتمد بالأساس على احترام الخصوصيات الدينية والثقافية، كما أنّ غياب التواصل بين الأمم يفتح الطريق في كثير من الأحيان للخطاب المغلوط، والتصورات المشوهة.

خلاصة القول:

والحاصل أنّ دار الإفتاء المصرية -وفي القلب منها الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء- تؤكد على الدور المصري الرائد في مواجهة الإرهاب والتطرف، وأنّ صناعة الإفتاء على المنهج المؤسسي الوسطي، هي الضمان لإنقاذ المجتمع من الإفتاء العشوائي، وأنّ دار الإفتاء، وإن كانت تضطلع بدور محوري في مواجهة التطرف وتفكيك مقولاته، إلا أنّ ترك الساحة الدولية فارغة يعطي فرصة سانحة للمتطرفين لتشويه الدين والوطن، وعلى العالم أن يثق بأنّ الدين الصحيح يقدم حلولاً للتحديات العصرية، لذا يجب تدعيم تيار الاعتدال، وإفساح المجال أمام علمائه وقيادته ورموزه، وبداية التأسيس لذلك تبدأ حينما تضيق أو تنتهي دائرة الصراعات والحروب، ويتوقف اعتماد خيار البطش والقوة، حينها ينفتح المجال أمام الشباب لتبادل المعرفة، كأوّل طريق من أجل نشر قيم التسامح والسلام.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية