تدمير الجيش الإسرائيلي كامل المرافق الصحية في غزة ينذر بكارثة إنسانية خطيرة على النازحين

تدمير الجيش الإسرائيلي كامل المرافق الصحية في غزة ينذر بكارثة إنسانية خطيرة على النازحين

تدمير الجيش الإسرائيلي كامل المرافق الصحية في غزة ينذر بكارثة إنسانية خطيرة على النازحين


كاتب ومترجم فلسطيني‎
24/04/2024

اتجه العشرات من الأطباء والممرضين نحو إنشاء خيام طبية داخل مخيمات النزوح في مناطق مختلفة من شمال وجنوب قطاع غزة؛ بهدف تقديم الرعاية الصحية للمواطنين المشردين بفعل الحرب المستعرة والمتواصلة على قطاع غزة، وقد جاء العمل الفردي من قبل الأطباء والممرضين بعد أن دمر الجيش الإسرائيلي عدداً كبيراً من المرافق الصحية، لا سيّما المركزية منها، ومن أبرز تلك المشافي مجمع الشفاء شمال غزة الذي دمر بشكل كامل، ويعتبر من أكبر المستشفيات على مستوى فلسطين، ويقدم الخدمات العلاجية لأكثر من نصف مليون مواطن في قطاع غزة سنوياً، لكن مع عودة الجيش لاقتحامه مرة ثانية والبدء بعمليات هدم وحرق لأقسام المجمع الطبي، تحت ذريعة وجود نشاط لحركة حماس داخل المستشفى، توقف عمل المستشفى،  يضاف إلى ذلك مجمع ناصر الطبي بمحافظة خان يونس جنوب القطاع، والذي تم إخراجه عن العمل بشكل كامل بعد تدمير جميع أقسامه.

ويواجه النازحون في مختلف أماكن تواجدهم ظروفاً كارثية، مع غياب الرعاية الصحية خاصة مع تفشي العديد من الأمراض الخطيرة والمعدية بين النازحين، حيث ينتشر مرض التهاب الكبد الوبائي بشكل متصاعد؛ نتيجة الازدحام الشديد وانعدام النظافة الشخصية لقلة المياه وعدم توفر مواد التنظيف والمعقمات، يضاف إلى ذلك تفشي القمل بين الأطفال بشكل لافت، وسط تزايد معاناة الأهالي من صعوبة الحصول على الأدوية اللازمة للحدّ من تفشي الأوبئة.

واجه النازحون في مختلف أماكن تواجدهم ظروفاً كارثية

واستنكرت وزارة الصحة في غزة تعمد الجيش الإسرائيلي تدمير المرافق الصحية وإخراجها عن العمل بشكل كامل، وتحويل البعض منها إلى ثكنات عسكرية، وهذا ما حلّ بمجمع الشفاء الذي تعرض للتخريب والدمار الكامل، وذلك بعد حصار للمجمع وللمنازل المحيطة به على مدار أكثر من أسبوعين، حيث قام الجيش بالتركيز على تدمير كافة أقسام ومباني المجمع الطبي تحت ذريعة تحصن عناصر من المقاومة بداخله، وأوضحت الوزارة في بيان مقتضب أنّ شمال قطاع غزة بات يعاني من ظروف كارثية صعبة، بعد توقف المجمع عن العمل بشكل كامل وعدم توفر مراكز صحية لاستقبال الحالات المصابة من جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.

وأدانت مؤسسات حقوقية إقدام الاحتلال الإسرائيلي على تدمير مجمع الشفاء الطبي ومجمع ناصر بمدينة خان يونس، عدا عن اعتقال كبار الأطباء وإعدام عدد أخر من طواقم التمريض ورؤساء الأقسام، واستنكر المركز الأورو متوسطي لحقوق الإنسان إقدام الجيش الإسرائيلي على تدمير جميع أقسام مجمع الشفاء الطبي، معتبراً أنّ الهدف يكمن في فرض مزيد من القيود والتضييق على السكان المدنيين، وحرمانهم من الحصول على العلاج وقتلهم بالجوع والأمراض الفتاكة التي تعصف بأعداد كبيرة من المواطنين، ولا يجدون رعاية صحية لحمايتهم من خطر الموت وتفشي الأمراض والأوبئة بينهم. 

وقد عبّر نازحون عن امتعاضهم الشديد من تعمد الجيش الإسرائيلي تدمير المشافي الطبية بشكل مستمر، ومحاولة تعميق أزمات السكان المدنيين العزل تحت حجج واهية بأنّ المرافق الصحية تستخدم كغرف عمليات للمقاومة، ويهدف الجيش من ذلك  تأزيم الأوضاع المعيشية للسكان، والدفع نحو ترك السكان مساكنهم والنزوح والهجرة الطوعية للخارج، مع توقف الخدمات الصحية بشكل شبه كامل، وعدم إمكانية السكان الحصول على حقهم في العلاج بعد تدمير كامل المرافق الصحية.

في سياق ذلك يقول المواطن حسن عز الدين: إنّ "الحياة داخل قطاع غزة باتت معدومة وتهدد السكان بالموت البطيء، مع تفشي العديد من الأمراض الخطيرة بين المواطنين، خاصة النازحين الذين يتكدسون في مناطق عدة من شمال ووسط وجنوب القطاع في ظروف هي الأسوأ على الإطلاق، مع غياب الرعاية الصحية في ظل توقف عمل كبرى المشافي وغياب الأطقم الطبية التي تعرضت للاعتقال والقتل من قبل الجيش خلال اجتياح المجمعات الطبية".   

 ينتشر مرض التهاب الكبد الوبائي بشكل متصاعد

وأشار في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّ "نجله يعاني من تدهور حاد في صحته منذ أكثر من شهرين، وذلك على إثر تعرضه للإصابة بشظايا صاروخ أحدث تهتكاً واسعاً في أمعائه، ويعاني نجله من مغص حاد، ولا يجد من يقدم له الرعاية الصحية الكاملة في الوقت الذي يحتاج فيه إلى تدخل جراحي، لكنّ ذلك بات شبه مستحيل في غزة مع إخراج كبرى المستشفيات عن الخدمة وعدم وجود كفاءات طبية".

وأوضح أنّه "كان شاهداً على عملية التدمير الممنهجة لمجمع الشفاء الطبي أثناء حصاره برفقة نجله الذي كان من المقرر إجراء عملية جراحية له قبل اجتياحه، وبيّن أنّ مجمع الشفاء تضم أقسامه وبالتحديد قسم الجراحة التخصصي أعداداً كبيرة من المصابين والنازحين، وبعض هؤلاء تم إعدامهم والبعض الآخر طلب منهم الخروج مشياً على الأقدام إلى خارج المجمع دون تلقيهم العلاج الكامل، وهذا زاد من تردي الأوضاع الصحية لهم ويهدد بفقدان حياتهم".  

أمّا السيدة أم محمود، فقد باتت في حيرة من أمرها بعد أن عجزت في الحصول على علاج لطفلتها التي تعاني من التهاب في الكبد، وتتخوف من نقل العدوى إلى باقي أطفالها في ظل صعوبة عزلها عنهم، وعدم توفر أيّ علاجات تخفف من الأعراض التي باتت واضحة على وجه طفلتها". 

وتشير في حديثها لـ (حفريات) إلى أنّ "الواقع الطبي منهار بشكل كامل، وتحاول في ظل الواقع الصعب وغير المسبوق اللجوء إلى علاج طفلتها بالطب البديل، مع توقف خدمات الرعاية الصحية وتعمد الاحتلال الإسرائيلي قتل وإبادة المواطنين في غزة، وذلك كسياسة عقاب يفرضها، إلى جانب سياسة التجويع التي أدت إلى فقدان حياة الكثيرين، خاصة من الأطفال والمرضى وكبار السن في مختلف مناطق شمال قطاع غزة .

وتوضح أنّ" النقاط الطبية بين خيام النزوح تقدم رعاية محدودة ولا يمكن الاعتماد عليها، وذلك لعدم وجود أطباء متخصصين، إضافة إلى عدم توفر أدوية بسبب استمرار إغلاق المعابر، وصعوبة الأطباء الذين يقيمون النقاط بمبادرات فردية في الحصول على الأدوية اللازمة من جهات دولية وما يتوفر داخل مستودعات وزارة الصحة".  

بدوره يقول مدير عام مجمع الشفاء الطبي الدكتور مروان أبو سعدة: إنّ "الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء الحرب مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، يضع نصب عينه تدمير المرافق الصحية بشكل كامل، من أجل خلق حالة من الضغط على المدنيين والمقاومة في قطاع غزة، متحججاً بأنّ تلك المرافق تعتبر مراكز قيادة للمقاومة، ومع الخراب الكبير والحصار لم يثبت أيّ دليل على اتهاماته، بل فاقم من معاناة المواطنين، خاصة الجرحى والمصابين الذين هم بحاجة إلى متابعة مستمرة".

الاحتلال الإسرائيلي يضع نصب عينه تدمير المرافق الصحية بشكل كامل

وأشار في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّ "الحصار والدمار الذي لحق بمجمع الشفاء أثر على أعداد كبيرة من الجرحى الذين كانوا يرقدون داخل أقسام المجمع ويتلقون العلاج، خاصة أنّ مجمع الشفاء كان يواصل تخطي الصعوبات بالعمل على توفير الخدمات العلاجية، وإجراء العديد من العمليات الجراحية للمصابين من كافة مناطق شمال غزة، مع وجود عدد محدود من الكوادر الطبية ذوي الخبرة، لكن مع قتل واعتقال تلك الكوادر وتدمير المجمع، باتت أوضاع المصابين والمرضى على المحك في ظل صعوبة توفر مراكز صحية".

واستهجن أبو سعدة "حالة الصمت العربي والدولي من الجريمة الإنسانية والأخلاقية الكبرى التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي، بارتكابه جرائم بشعة بحق المراكز والمستشفيات الصحية منذ بداية الحرب، إلى جانب تدمير المستشفى الإندونيسي ومستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، عدا عن الدمار الكبير الذي لحق بمجمع ناصر الطبي جنوب قطاع غزة، وهو الأمر الذي زاد من معاناة المواطنين العزل الذين فقدوا أبسط حقوقهم، وهي الحصول على العلاج والرعاية الصحية بشكل آمن".

وطالب "الدول العربية الشقيقة بضرورة العمل على إنشاء مستشفيات ميدانية في مناطق مختلفة من جنوب وشمال قطاع غزة، للحدّ من تفشي الأمراض بين السكان والنازحين، في ظل عدم توفر مراكز رعاية كافية، ومحاولة التخفيف من وطأة المعاناة والكارثة الإنسانية التي تعصف بالنازحين. 

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية