سكان غزة يفقدون حقهم في التعليم بسبب تدمير الجيش الإسرائيلي كامل البيئة التعليمية

سكان غزة يفقدون حقهم في التعليم بسبب تدمير الجيش الإسرائيلي كامل البيئة التعليمية

سكان غزة يفقدون حقهم في التعليم بسبب تدمير الجيش الإسرائيلي كامل البيئة التعليمية


كاتب ومترجم فلسطيني‎
02/03/2024

يواجه سكان قطاع غزة مستقبلاً تعليمياً مجهولاً؛ بسبب الدمار الهائل الذي حل بالبيئة التعليمية في مختلف مناطق القطاع، فقد عمد الجيش الإسرائيلي خلال العملية البرية التي بدأت على غزة نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي إلى تدمير كافة الجامعات والعديد من المدارس الحكومية ومدارس وكالة (الأونروا)، الأمر الذي يعيق استمرارية العملية التعليمية لأعوام، وهو ما يشكل كارثة على الواقع التعليمي للطلبة الذين توقفوا قسراً عن إكمال تعليمهم، وهذا الحال طال على وجه الخصوص طلبة الثانوية العامة، الذين توقفوا قسراً عن إكمال مسيرتهم التعليمية مع استمرار الحرب للشهر الخامس على التوالي، الأمر الذي يهدد بضياع العام الدراسي الحالي، مع صعوبة رجوع الطلاب إلى مقاعدهم الدراسية حتى لو توقفت الحرب، بسبب تدمير مئات المدارس واستشهاد المئات من المعلمين والطلبة.   

وقد أقدم الجيش منذ بداية الحرب على تدمير أكثر من (18) مؤسسة تعليم عالٍ في غزة، ودمر جامعات أساسية تصنف من أكبر وأقوى الجامعات في قطاع غزة مدعياً أنّها معاقل لحماس، وطال التدمير الجامعة الإسلامية التي تصنف بالمرتبة الأولى من حيث الأداء التعليمي، وجامعة الأزهر، وجامعة القدس المفتوحة، وجامعة الأقصى، وتوجد جميع المقرات الرئيسية لهذه الجامعات وسط مدينة غزة في حي الرمال، وهي المنطقة التي ركز الجيش خلال الفترة الأخيرة على التوغل فيها، والقضاء على كافة المعالم الثقافية والعلمية التي تكتظ بها المنطقة قبل أن ينسحب منها مخلفاً دماراً هائلاً. 

تدمير ممنهج

وقد وثق (المرصد الأورمتوسطي لحقوق الإنسان) قتل الجيش الإسرائيلي العشرات من أساتذة الجامعات، ومئات المعلمين والطلبة والعلماء، ونفذ الجيش هجمات متعمدة ضد شخصيات أكاديمية وعلمية وفكرية في قطاع غزة، وتعمّد قصف منازلهم وتدميرها فوق رؤوسهم دون سابق إنذار، وبين المرصد أنّه وثق قائمة تضم (17) شخصية يحملون درجة البروفيسور، و(59) يحملون درجة الدكتوراه، و(18) يحملون درجة الماجستير، وهذه الأعداد ليست نهائية، في حين أنّ جميع الأكاديميين المستهدفين يمثلون مرتكزات العمل الأكاديمي في جامعات غزة، وأكد المرصد أنّ ما يعزز احتمالية استهداف الاحتلال لكل مقومات الحياة في قطاع غزة، إقدامه على تدمير ممنهج وواسع النطاق للجامعات والمراكز الثقافية، وأشار المرصد إلى أنّ المرحلة الأولى من التدمير تمثلت في قصف مبانٍ في الجامعة الإسلامية وجامعة الأزهر، وصولاً إلى تفجير بعضها بعد أن تحولت إلى ثكنات عسكرية، لافتاً إلى أنّ تدمير وقتل الأكاديميين والطلبة سيزيد من صعوبة استئناف الحياة التعليمية بعد توقف الحرب.

يواجه سكان قطاع غزة مستقبلاً تعليمياً مجهولاً

ولم يقتصر غياب المستقبل التعليمي على الدمار الذي لحق بتلك الجامعات فقط، فقد ازدادت معاناة السكان خلال إعدادهم الطعام، بعد أن نفد غاز الطهو من كافة محطات التعبئة، نتيجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي في إغلاق المعابر ورفض إدخال المحروقات بكافة أنواعها، وتوجه أهل قطاع غزة إلى الطرق البدائية في إشعال مواقد النار من خلال جمع الحطب، ومع بدء ندرة توفر الحطب نتيجة الاستهلاك الكبير، دفع ذلك السكان إلى حرق الكتب المدرسية والجامعية والأبحاث العلمية من أجل إيقاد النار لطهو الطعام وصناعة الخبر.

مستقبل مجهول

بدوره عبّر الطالب محمد ياسر عن "بالغ استيائه من ضياع مستقبله التعليمي الجامعي، بعد أن توقف عن إكمال تعليمه في تخصص الطب بالجامعة الإسلامية في غزة، وذلك بعد مرور عامين على التحاقه بالدراسة الجامعية، والخوف يزداد من الدمار الكامل الذي حل بالجامعة، وقيام جيش الاحتلال بقتل عدد من الكوادر التعليمية العاملة في قسم الطب وغيرها من أقسام الجامعة ".

وأوضح في حديثه لـ (حفريات) أنّ "قطاع غزة أصبح منطقة منكوبة، والدمار الكبير الذي حل بالقطاع سيدفع المواطنين، وبالتحديد الطلبة من كلا الجنسين، إلى الهجرة قسراً وإكمال مسيرتهم التعليمية خارج القطاع، وخاصة من توقفوا قسراً عن تعليمهم ولم يتمكنوا من إكمال دراستهم داخل القطاع بسبب الدمار الكبير الذي أصاب المؤسسات التعليمية".

ولفت إلى أنّ "ما قامت به إسرائيل خلال حربها، إنّما هي خطة مبيتة لتدمير التعليم والقضاء على جميع مظاهره، في ظل وجود كفاءات وكوادر تعليمية عالية ومؤثرة داخل قطاع غزة، وتخريج تلك الجامعات طاقات شبابية ذات تعليم عالٍ، وهذا ما بات واضحاً من استهداف الجيش لأكاديميين ومفكرين خلال الحرب الجارية".

نوايا مبيتة

من جهته أكد الباحث والأكاديمي شريف السيد أنّ الجيش الإسرائيلي قضى خلال حربه على مظاهر التعليم في غزة بشكل كامل، وهذه الخطة لم تكن وليدة هذه الحرب، فإنّ إسرائيل تشن حرباً على التعليم في فلسطين بشكل عام من خلال الملاحقة المستمرة، بعد أن بات التعليم يشكل هاجساً خطيراً للعدو الإسرائيلي، الذي بدأ عملية التحريف للمنهاج الفلسطيني وشنّ الحرب الدعائية عليه، مدعياً أنّه يدعو  إلى العداء للسامية والكراهية.

ما قامت به إسرائيل خلال حربها هي خطة مبيتة لتدمير التعليم والقضاء على جميع مظاهره

وأشار السيد في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّ الدمار الهائل الذي أصاب الجامعات والكليات في قطاع غزة يؤثر على المستقبل التعليمي للطلاب المنخرطين في التعليم داخل تلك الجامعات، فمنهم من هو في الأعوام الأولى من التعليم، ومنهم من شارفوا على انتهاء المسيرة التعليمية، وهذا سيصعب عليهم إكمال مسيرتهم التعليمية في ظل الظروف الحالية الصعبة مع غياب عدد كبير من الكوادر التعليمية.  

وبين أنّ "ضياع المستقبل التعليمي داخل قطاع غزة بات خطيراً ومهدداً بالفشل هذا العام لاعتبارات أخرى، ومنها توجه الغزيين إلى حرق كتب أبنائهم الدراسية وحتى الجامعية، حتى أنّ مدارس الإيواء تضررت من جراء إقدام النازحين على استخدام اللوحات والكراسي الخشبية داخل الفصول للحرق، نتيجة ضيق الحال أمام النازحين الذين تعثرت بهم السبل، وأصبحوا غير قادرين على شراء الحطب مع نفاد الأموال من المواطنين وارتفاع الأسعار".

ومنذ بداية الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة يفرض الجيش إغلاقاً شاملاً على القطاع، ويمنع إمدادات الغذاء والماء والوقود وغيرها من الاحتياجات الأساسية، كما عمد إلى تدمير المولدات الكهربائية والخلايا الشمسية التي تمد المنازل بالطاقة الكهربائية، وتأتي هذه الإجراءات العقابية في ظل تجاوز إسرائيل لكافة القوانين والأعراف الدولية، واتباع سياسة التجويع والتدمير الكامل لكافة المرافق الحياتية.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية