ماذا تعرف عن جمعية الحكمة اليمانيّة؟ وما دورها في دعم أجندة الإخوان في اليمن؟

ماذا تعرف عن جمعية الحكمة اليمانيّة؟ وما دورها في دعم أجندة الإخوان في اليمن؟

ماذا تعرف عن جمعية الحكمة اليمانيّة؟ وما دورها في دعم أجندة الإخوان في اليمن؟


12/02/2024

جاء تأسيس جمعيّة الحكمة في اليمن، مواكباً لذلك الخلاف الذي تفجر بين الشيخ الوادعي وتلامذته؛ إزاء قضايا عديدة، غير أنّه كان سرّياً لفترة، ولم يظهر للعلن في صورة انقسامات، سوى مع  العام 1988، عندما أعلن الشيخ مقبل بن هادي الوادعي، خلافه مع بعضهم، وأنّه لا يوافقهم على خلفية شرعية التنظيم الإداري والسياسي، وأصدر عدة فتاوى حول مخالفيه، كونهم حزبيين ومبتدعة وعلى ضلالة، بيد أنّ الانسلاخ الرسمي عن جماعة الشيخ الوادعي، تم في العام 1990، عندما قام مجموعة من كبار أتباعه ومناصريه، بتأسيس جمعيّة خيريّة إغاثيّة، سموها جمعية الحكمة اليمانيّة الخيريّة، ثم أعقب ذلك قيام آخرين بتأسيس جمعية الإحسان الخيريّة، وهكذا استمر الانقسام؛ حتى أضحت السلفية اليمنية واقعاً عبر عدة جماعات.

 عمل هذا التيار من خلال واجهته الرسميّة، جمعية الحكمة، في فضاء العمل الخيري والإنساني، ومن خلال ذلك انخرط في العمل السياسي؛ مرتكزاً على رؤيته الفقهية، بيد أنّ ذلك بدا مؤثراً خلال السنوات الأخيرة، سيما عقب احتجاجات العام 2011، عندما أعلنوا عن نيّتهم تأسيس حزب السلم والتنمية، والذي تمّ الاعتراف به في 17 شباط (فبراير) 2014.

الغطاء الخيري للتطرف

من جهته، يرى مشير المشرعي، الباحث اليمني في الجماعات الجهاديّة، أنّ الحديث عن جمعيّة الحكمة اليمانيّة، يحتاج إلى تذكر بعض المعلومات الخاصّة، التي تعود إلى مرحلة تأسيسها؛ حيث يرتبط تاريخ تأسيسها في العام 1990، بتاريخ عودة ما كان يعرف باسم المجاهدين العرب من أفغانستان إلى اليمن، والذين تم استعمالهم في حرب العام 1994.

اقرأ أيضاً: اليمن: ضربات قاصمة لميليشيا الحوثي في حرض وتعز

وضمت جمعية الحكمة اليمانيّة في مرحلة تأسيسها، عدداً كبيراً من المقاتلين العائدين من أفغانستان، ممن صقلت الحرب مهاراتهم القتالية، وجعلتهم أكثر تطرفاً وتقبلاً للتفريخ وتكوين مقاتلين آخرين.

وبحسب الباحث اليمني، فإنّ الجمعيات الخيريّة الدينيّة، تعتمد في عملها على عدة أغطية؛ لتحقيق أهدافها، على سبيل المثال في مصر، كانت جماعه الإخوان تعتمد على العمل الخيري، وتوزيع المعونات على البعض، ومحاولة كسب ودهم، دون أن يدرك هؤلاء أهداف الجماعة وغيرها، وهو فعلا ما تحقق بعد أعوام طويلة، من تمكّن الجماعة من السيطرة على كرسي الرئاسة في مصر، غير أنّ الشعب المصري واجه هذه الجماعة، قبل أن تتمكن من مفاصل الدولة.

 

مشير المشرعي: باشرت جمعيات تندرج تحت بند العمل الخيري، عملية تجنيد وتفريخ مقاتلين؛ هدفهم تنفيذ ما يطلب منهم

 

ويتابع مشير المشرعي، تصريحاته لـ"حفريات"، لافتاً إلى أنّ الوضع في اليمن لم يختلف؛ حيث باشرت جمعيات تندرج تحت بند العمل الخيري، عملية تجنيد وتفريخ مقاتلين؛ هدفهم تنفيذ ما يطلب منهم، وبدا ذلك واضحاً، في أكثر من عملية إرهابية، ثبت أنّ منفذها جري تجنيده داخل أحد تلك الجمعيات.

وأكّد المشرعي، أنّ جمعيّة الحكمة اليمانيّة، هي أحد أبرز وجوه العمل السياسي لحزب الإصلاح، وكذا الأحزاب السلفية، التي تظهر العمل الخيري فقط؛ لجذب وتجنيد مئات الشباب، ودفعهم إلى العمل المسلّح.

وتضم جمعيّة الحكمة في عضويتها، أسماء عُرف عنها ممارسة العمل الإرهابي، أمثال: أحمد سيف، أحد المعلمين في حلقات القرآن، والذي لا زال يصرف لأهله راتب حتى الآن، من قبل الجمعيّة اليمانيّة، وكذلك الشيخ عبد الله المرفدي، المعروف بالأمير، والذي كان له الفضل في تجنيد عشرات الشباب، وإلحاقهم بتنظيم "القاعدة" في اليمن، و"داعش".

استراتيجية التجنيد

يكشف الباحث اليمني، مشير المشرعي، طريقة تجنيد المقاتلين من خلال الجمعيات الخيريّة في اليمن، لافتاً إلى أنّه في البدء يتم اختيار أسرة فقيرة، يكون مستوى التعليم فيها متدنياً، ويتم دعم هذه الأسرة بالمواد الغذائية، من خلال ما تتلقاه الجمعيّة من مثيلاتها في دول أخرى، فضلاً عن بعض الحكومات، التي ترسل أموالها الإغاثية والخيريّة، إلى مثل هذه الجمعيات.

أثناء تلك المرحلة، التي تقوم على فكرة دعم الأسر الفقيرة، يذهب أحد مشرفي الجمعيّة إلى الأسرة المستهدفة، ويبدأ في نصب فخه، وجذب الأبناء للتعليم الديني فقط، وبعدها يتم ضم الأبناء، وغالبيتهم أطفال دون العاشرة.

على سبيل المثال، وبعد العام 1994، سيطر حزب الإصلاح الإخواني على وزارة التعليم، وجرى فتح معاهد ومدارس دينية في جميع مناطق اليمن، جنوبه وشماله، وإنشاء جيل بأكمله ذي نزعة متطرفة تميل للعنف، على مدى أكثر من عشرين عاماً، وعندما اندلعت حرب عدن، وقت اجتياح الحوثي للمحافظات الجنوبية، خرج الشباب للمقاومة ودحر الحوثي، لكن أبناء المحافظات لم يكونوا بالكفاءة القتالية المطلوبة، مثل عناصر الجماعات الإسلاميّة، التي شاركت في معارك تحرير عدن، وكانت تطمح لإقامة دولة إسلاميّة بحسب مفهومها للإسلام، وعند دحر ميليشيا الحوثي من عدن، أصبح السلاح متاحاً للجميع، ورفعت الرايات السوداء في أغلب المناطق، وكان هذا هو الظهور الأول لتلك الجماعات بشكل علني، فأصدر تنظيم داعش تعليمات لعملياته في عدن، بمداهمة من وصفهم بالعملاء والخونة، وجرت اغتيالات لقوات الأمن، وعمليات انتحارية استهدفت مقر حكومة خالد بحاح، وقوات التحالف وغيرها.

وعندما بدأ الأمن في جنوب اليمن، وخصوصاً عدن، يستعيد قوته، فرّت الجماعات الإرهابية إلى مناطق أكثر وعورة، مثل: أبين وشبوة، وحتي مأرب والبيضاء، وظهرت منشورات تعلن مبايعة خليفتها الجديد، وتأسيس ما عرف بولاية اليمن.

يختتم المشرعي تصريحاته، مؤكداً ضرورة أن يقع العمل الخيري بين الناس، وداخل المؤسسات، تحت سلطة الحكومة والأجهزة الرسميّة للدولة، كما يحصل في العديد من الدول العربية.

 

محمد بن فيصل: هدف جمعية الحكمة اليمانيّة الخفي؛ هو تجنيد الشباب؛ من خلال بعض أنشطتها

 

وهنا يشير إلى أهمية ما قامت به عديد الدول، من إجراءات صارمة لإيقاف عمليات التبرع والتمويل لجهات خيريّة داخلية وخارجية مشبوهة؛ لتضمن الدولة أمن المجتمع، بعيداً عن الخطر الذي تمثله جماعات الإسلام السياسي.

ذراع الإخوان في الجنوب

أثارت عودة جمعيّة الحكمة اليمانيّة الخيريّة، التابعة لحزب الإصلاح الإخواني، لممارسة عملها في العاصمة المؤقتة عدن، مخاوف الجنوبيين من تصاعد العمليات الإرهابية والاغتيالات، وشنّ نشطاء موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي، هجوماً حاداً على الجمعيّة، وعلى السلطة المحلية على حدّ سواء، وذلك عقب السماح للجمعيّة بممارسة عملها، متهمين الجمعيّة بتنفيذ عمليات إرهابية، وتفريخ وتجنيد الشباب؛ لتنفيذ عمليات إجرامية ضد الجنوب.

الرافضون استنكروا توقيع وزير الأوقاف، محمد عيضة شبيبة، مذكرة تفاهم وشراكة مع الجمعيّة، مطالبين الوزير بإيضاحات حول ذلك، في الوقت الذي أشاروا فيه إلى أنّ منفذ عملية اغتيال الشيخ عبدالرحمن العدني، هو أحد طلاب الجمعيّة.

وفي هذا السياق، قال الباحث الجنوبي في شؤون جماعات الإسلام السياسي، محمد بن فيصل، خلال مداخلة مع قناة "الغد المشرق"، إنّ "هدف جمعيّة الحكمة اليمانيّة الخفي؛ هو تجنيد الشباب؛ من خلال بعض أنشطتها". وأضاف: "الجمعيّة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، تستتر بغطاء العمل الخيري؛ لممارسة العمل السياسي".

من جانبه، يرى عبدالعزيز العامر، الكاتب الصحفي اليمني، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، أنّ جمعيّة الحكمة، هي جمعيّة وهميّة، تعمل تحت غطاء دعم الأعمال الإنسانية، كمظلّة لتنظيم القاعدة في اليمن، وتعلن هذه الجمعيّة عن تنفيذ مشاريع وهميّة؛ للتغطية على ما يدور حولها من شبهات.

ويرى العامر أنّ من يدير هذه الجمعيّة، هم قيادات حزب الإصلاح، ومن خلفهم قيادات في تنظيم القاعدة الإرهابي. وعادت هذه الجمعيّة مؤخراً لنشاطها في جنوب اليمن، وتحديداً عدن، وبدأت حملة إغاثية للتغطية على دورها السياسي، وقيامها بتقديم الدعم اللوجستي لتنظيم القاعدة في اليمن، الأمر الذي أثار مخاوف الأهالي.

يضيف الكاتب الصحفي اليمني، وبحسب معلومات مؤكدة، فإنّ "جمعيّة الحكمة، وجمعيّة الإحسان، وفّرتا العلاج لقرابة 300 جريح من جرحى القاعدة في اليمن؛ حيث تتلقى هذه الجمعيات الدعم المالي المباشر من قطر، ولدى هذه الجمعيات أرصدة مالية كبيرة، وتحويلات ضخمة؛ عبر شركة العمقي للصرافة، المدرجة على قوائم العقوبات الأمريكية؛ لتورّطها في دعم وتمويل أنشطة الجماعات المتشددة في اليمن".

عبد العزيز العامر: جمعيّة الحكمة تنفذ أنشطة استخباراتيّة، من خلال برامج المسح الميداني التي ينفذها موظفوها، وعملاء آخرون من جمعيات ومنظمات يمنية أخرى، تابعة لجماعة الإخوان في اليمن

ويختتم عبدالعزيز العامر، محذراً من عودة نشاط جمعية الحكمة اليمانيّة في الجنوب، ذلك أنّها بعيدة عن أغراض وأهداف العمل الإنساني، لافتاً إلى أنّ هذه التحركات؛ تدعم الأنشطة المشبوهة التي تقوم بها هذه الجمعيّة، التي تنفذ أنشطة استخباراتيّة، من خلال برامج المسح الميداني التي ينفذها موظفوها، وعملاء آخرون من جمعيات ومنظمات يمنية أخرى، تابعة لجماعة الإخوان في اليمن، مثل: جمعية رحمة الخيريّة، التي يرأسها القيادي الإخواني، عبدالله الأهدل، المدرج على قوائم الإرهاب الأميركية؛ بتهمة تمويل تنظيم القاعدة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية