هل ضاعفت الجائحة من انعدام الأمن في منطقة الساحل الأفريقي؟

هل ضاعفت الجائحة من انعدام الأمن في منطقة الساحل الأفريقي؟


12/12/2021

ترجمة: محمد الدخاخني

كان ضابطا شرطة فقط في الخدمة في نهاية تشرين الثّاني (نوفمبر) عندما هاجم واحتلّ إسلامويّون قرية نادياغو في جنوب غرب بوركينا فاسو، بالقرب من الحدود مع توغو وبنين.

وقال شاهد عيان لـ«دويتشه فيله» من العاصمة الآمنة واغادوغو، حيث لجأ بعد الهجوم، إنّ الضّباطين لم يُظهرا أيّ مقاومة.

اقرأ أيضاً: مدير عمليات حفظ السلام يُحذر من أزمة الساحل الأفريقي... ما علاقة ليبيا؟

قال الرّجل، الّذي طلب عدم نشر اسمه حفاظاً على سلامته، «فرّ الضّابطان».

وأضاف: «كانا اثنان ضدّ كثيرين. حتّى لو كانت لديهما دبّابات، لم يكن بإمكانهما فعل أيّ شيء»، واصفاً مدى سهولة استيلاء الجماعة المسلّحة على نادياغو، وهي أوّل قرية في بوركينا فاسو تسقط في أيدي الإسلامويّين.

الجماعات الإسلامويّة الرّاديكاليّة تتوسّع

كما تتصاعد الهجمات المسلّحة في مالي، الجارة الشّماليّة لبوركينا فاسو.

لقد هزّ انفجاران معسكرات الأمم المتّحدة في مدينة جاو، شمال مالي، يوم الأحد، ممّا ألحق أضراراً دون وقوع إصابات، بحسب وكالة الأنباء الفرنسيّة.

يمكن أن تكون الجائحة مفيدة على المدى الطّويل لبلدان القارة. ولكن بالنّسبة إلى الدّول الأفريقيّة، كانت صدمة كبيرة أن نرى كيف أدارت الدّول الغربيّة بشكل أنانيّ مخزون الّلقاحات

وفي بلدة باندياغارا، وسط مالي، قتل مسلّحون ما لا يقلّ عن 31 شخصاً، يوم الجمعة الماضي، عندما أطلقوا النّار على حافلة تقلّ بعضاً من النّاس إلى سوق محلّيّ.

الجماعة المسلّحة المرتبطة بالقاعدة، «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، تتوسّع في مالي و«تُشكّل تهديداً متزايداً للحكومة الحاكمة في باماكو»، وفقاً لـ«مرصد الإسلامويّة العالميّ» التّابع لمجلس السّياسة الخارجيّة الأمريكيّة.

القوّات الوطنيّة بحاجة الى مزيد من التّمويل

يقول الجنرال السنغاليّ المتقاعد بابكر جاي إنّ أحد الأسباب الرّئيسة لتوسّع الجماعات الإسلامويّة المتطرّفة في منطقة السّاحل، وهو الشّريط شبه القاحل الشّاسع بين الصّحراء إلى الشّمال والسّافانا الاستوائيّة إلى الجنوب، هو القدرات المحدودة للجيوش الوطنيّة العاملة هناك.

اقرأ أيضاً: مقتل الصحراوي: التداعيات على الإرهاب بدول الساحل الأفريقي

ودعا رؤساء الدّول الأفريقيّة الّذين اجتمعوا في وقت سابق من هذا الأسبوع في «منتدى داكار للسّلام والأمن» إلى تسهيل الوصول إلى التّمويل الدّوليّ وإلى دعم استراتيجيّ أقوى لمحاربة الجماعات الإسلامويّة.

وفي حديثه خلال المنتدى، انتقد رئيس النّيجر، محمّد بازوم، الشّركاء الدّوليّين لما وصفه بـ«ضعف مشاركتهم في مكافحة تهريب الأسلحة من ليبيا».

وقال بازوم إنّ «تدفّق الأسلحة [من ليبيا] قد تمّ توجيهه إلى منطقة السّاحل، ممّا أدّى إلى تأجيج مراكز الإرهاب المختلفة بالإضافة إلى العديد من مجموعات العصابات الإجراميّة العاملة في المنطقة، خاصّة في نيجيريا».

الأثر الاقتصاديّ للجائحة

لكنّ موضوعاً آخر سيطر أيضاً على العديد من المناقشات في المؤتمر الذي استمرّ ليومين: المعالجة الدّوليّة لفيروس كورونا، حتّى إنّ رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، شجب ما أسماه «أبارتهايد الّلقاحات» للبلدان الصّناعيّة.

يرى الخبير الأمنيّ ​​بول سايمون هاندي من «معهد الدّراسات الأمنيّة»، ومقرّه إفريقيا، وجود صلة بين التّهديد المتزايد للتّطرّف وجائحة فيروس كورونا.

يقول الجنرال السنغاليّ المتقاعد بابكر جاي إنّ أحد الأسباب الرّئيسة لتوسّع الجماعات الإسلامويّة المتطرّفة في منطقة السّاحل، هو القدرات المحدودة للجيوش الوطنيّة العاملة هناك

قال لـ«دويتشه فيله» في داكار، حيث كان يحضر المنتدى، إنّ الاقتصادات الأفريقيّة تضرّرت بشدّة من الجائحة، مضيفاً أنّ «هذا التّأثير الاقتصاديّ كان له أيضاً عواقب على قدرات البلدان الأفريقيّة على تصميم استراتيجيّات لمكافحة الإرهاب».

وتابع: «ولذا، بطريقة ما، كان للجائحة تأثير، وإن كان غير مباشر، على مكافحة الإرهاب، أو حتّى على قدرات البلدان الأفريقيّة على منع التّطرّف».

تعزيز التّحالفات الأفريقيّة

وفقاً لهاندي، يمكن أن تكون الجائحة مفيدة على المدى الطّويل لبلدان القارة.

وكما أوضح، «بالنّسبة إلى الدّول الأفريقيّة، كانت صدمة كبيرة أن نرى كيف أدارت الدّول الغربيّة بشكل أنانيّ مخزون الّلقاحات».

«لكن ربما كان هذا هو بالضّبط ما تحتاج البلدان الأفريقيّة إلى إدراكه - أنّه يتعيّن عليها إيجاد حلول لمشكلاتها الخاصّة دون الاعتماد كثيراً على الشّراكات، وعلى الجّهات الخارجيّة».

اقرأ أيضاً: الخريطة الكاملة للحرب على الإرهاب في الساحل الأفريقي

يمكن رؤية أحد الأمثلة على ذلك بالفعل في منطقة كابو ديلغادو الشّماليّة في موزمبيق، حيث تساعد قوّات من رواندا وكذلك من دول «مجموعة التّنمية للجنوب الأفريقيّ»، مثل بوتسوانا وتنزانيا وجنوب أفريقيا، في محاربة المتطرّفين المرتبطين بما يسمّى بـ«الدّولة الإسلاميّة» (داعش).

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

فيليب ساندنر، دويتشه فيله، 8 كانون الأوّل (ديسمبر) 2021




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية