ليبيا: مصير مخرجات بوزنيقة.. اتجاه للتوافق يعقبه فشل معتاد

ليبيا: مصير مخرجات بوزنيقة.. اتجاه للتوافق يعقبه فشل معتاد

ليبيا: مصير مخرجات بوزنيقة.. اتجاه للتوافق يعقبه فشل معتاد


21/06/2023

أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة أنّ بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مستعدة للعمل مع كافة الأطراف وأصحاب المصلحة الليبيين؛ لتحسين الإطار القانوني للانتخابات، والجمع بين جميع أصحاب المصلحة من أجل التوصل إلى توافق في الآراء بشأن القضايا الخلافية.

ووفقاً لبيان صدر عن المكتب الصحفي لمجلس الرئاسة الليبي، أكد المنفي على ضرورة الاتفاق بين الأطراف الرئيسية على إطار توافقي وشامل؛ من شأنه أن يؤدي إلى انتخابات يطمح إليها الشعب الليبي، وتنهي متلازمة المراحل الانتقالية المتعاقبة.

وفي سياق مماثل، شدّد عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة الليبية منتهية الولاية، على أهمية وجود قوانين عادلة وقابلة للتطبيق، إذا أريد للعملية الانتخابية أن تنجح وتؤدي إلى الاستقرار الذي يتوق إليه الليبيون.

تغير موقف المشري

في يوم الأحد 18 حزيران (يونيو) الجاري أصر خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، على أنّ مشاريع القوانين الانتخابية التي أصدرتها لجنة (6+6) تعتبر "نهائية وملزمة ومرحب بها من قبل المجلسين". وأضاف أنّه إذا كانت هناك حاجة لتعديلها، وهو أمر "غير مرجح"، فسيتعين صياغة التعديل من قبل لجنة (6+6)، ممّا يخالف موقفه السابق؛ ففي الوقت الذي تمّ فيه الإعلان عن مشاريع القوانين في 6 حزيران (يونيو) الجاري، أشار المشري إلى أنّ لديه تحفظات.

عبد الحميد الدبيبة

مشاريع القوانين التي أعلنت عنها لجنة (6+6) ومخرجات محادثات بوزنيقة، أثارت ردود فعل متضاربة داخل ليبيا، رغم أنّها لقيت ترحيباً على مستوى جامعة الدول العربية ودول الجوار الليبي، وتجدر الإشارة إلى أنّ الاتفاق لم يوقعه المشري ولا عقيلة صالح، رغم أنّهما سافرا إلى المغرب لحضور حفل التوقيع.

مصير الانتخابات

في رسالة إلى مجلس النواب والمجلس الأعلى للانتخابات، أشار مدير المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح إلى وجود (12) ملاحظة حول مسودة القوانين الانتخابية، وشدّد على أنّها لم تقدّم مسبقاً إلى المفوضية لإبداء رأيها، وهو ما أنكرته لجنة (6+6).

أكد المنفي على ضرورة الاتفاق بين الأطراف الرئيسية على إطار توافقي وشامل؛ من شأنه أن يؤدي إلى انتخابات يطمح إليها الشعب الليبي

في الداخل الليبي، لم ترقَ مشاريع القوانين إلى مستوى التوقعات، وفي رسالة مشتركة اتهم (61) نائباً لجنة (6+6) بتجاوز اختصاصها، والانحراف عن مهمتها المتمثلة في الاتفاق على نقاط الخلاف المتعلقة بالانتخابات الرئاسية. كما انتقدوا رئيس مجلس النواب لموافقته على مخرجات اللجنة دون الرجوع إلى البرلمان. وبالإشارة إلى بند آخر مثير للجدل، أصروا على أنّه لا ينبغي إجراء أيّ تغييرات على عدد المقاعد البرلمانية، وأنّ مسألة زيادتها أو خفضها، يجب أن تترك لواضعي الدستور المقبل.

وبالمثل، أعلن (54) عضواً من أعضاء المجلس الأعلى للدولة عن معارضتهم لمشاريع القوانين التي وصفوها بأنّها "باطلة" و"غير دستورية". كما اتهموا لجنة (6+6) بالتجاوز، ودعوا جميع القوى السياسية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني إلى رفض أيّ توافق محتمل بين أعضاء اللجنة حول قوانين الانتخابات.

تناقضات حادة

أبرز التناقضات أنّ مشاريع القوانين سوف تعمل على تسهيل معايير الأهلية لمرشحي الرئاسة في ليبيا، بينما تظل أكثر صرامة بالنسبة إلى المرشحين البرلمانيين المحتملين، كما يمكن لبعض الأحكام أنّ تخلق معوقات فنية لإجراء الانتخابات، مثل تلك التي تنص على وجوب إجراء الانتخابات في غضون (240) يوماً بعد تمرير مشاريع القوانين.

كما أنّ البند الذي يدعو إلى تشكيل حكومة مؤقتة جديدة للإشراف على العملية الانتخابية  سوف يكون شائكاً؛ لأنّه يتطلب تنحي حكومة الوحدة الوطنية، بينما يصر الدبيبة على أنّه لن يتنحى قبل الانتخابات.

خالد المشري

من جهته، يرى الناشط السياسي البرقاوي محمود الكزة، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، أنّ مخرجات محادثات بوزنيقة لن تتحقق على الأرض، ممّا يقوض آليات التوافق حول الانتخابات، في ظل خلافات دائمة حول القاعدة الدستورية الحاكمة للانتخابات التشريعية، متوقعاً إجهاض ما توصلت إليه لجنة (6+6)؛ وستبقى عملية التوصل إلى توافق حول شروط الترشح للانتخابات شبه مستحيلة الحدوث.

البند الذي يدعو إلى تشكيل حكومة مؤقتة جديدة للإشراف على العملية الانتخابية سوف يكون شائكاً؛ لأنّه يتطلب تنحي حكومة الوحدة الوطنية، بينما يصر الدبيبة على أنّه لن يتنحى قبل الانتخابات

الكزة أكد أنّ اللجنة حاولت صياغة وثيقة نهائية، وتمّ تسريبها، ووصفت بالمضطربة، قبل أن يتمّ الهجوم عليها، ثم تمّ إلغاؤها تماماً، بعد أن قطعت شوطاً طويلاً من النقاشات والمباحثات، رغم أنّها كانت ستؤدي إلى إعلان مشترك عن الاتفاق بخصوص القاعدة الدستورية للانتخابات، وكذا مواعيد الاستحقاقات الانتخابية خلال الأيام المقبلة، بما في ذلك فض الاشتباك حول الخلاف على قبول ترشح العسكريين، وعن السماح لمزدوجي الجنسية بالترشح، وفي المقابل حظر الترشح على من صدر بحقه حكم قضائي، والمطلوبين للعدالة؛ في إشارة إلى سيف الإسلام القذافي.

إملاءات خارجية

يرى السياسي الليبي أنّ أحد أسباب فشل تفعيل مخرجات هذه المفاوضات، عدم توقيع خالد المشري وعقيلة صالح على اتفاق لجنة (6+6) في بوزنيقة بشأن القوانين الانتخابية، وهو أمر متوقع نظراً لحجم الضغوطات والاختلاف الكبير حول القاعدة الدستورية، وخصوصاً التعديل الدستوري الـ (13).

وفي أكثر من مناسبة، قالت حكومة عبد الحميد الدبيبة: إنّها لن تسلم الحكم إلّا لسلطة تنفيذية تنبثق عن برلمان جديد منتخب بطريقة شفافة وتوافقية، ومن جهة أخرى تعتبر الحكومة الموازية في بنغازي أنّها شرعية مكلفة من قبل مجلس النواب المنتخب، في آخر اقتراع ينظم في ليبيا قبل حوالي (10) أعوام؛ وعليه تستمر حالة اللّا حسم، بينما من المفترض الشروع في تكوين حكومة ثالثة.

عقيلة صالح

ويؤكد الكزة أنّ تعنت الأطراف المقابلة لمجلس النواب، وعدم وصولهم إلى آلية توافقية مع اعضاء مجلس النواب، هو ما أدّى إلى تفجر الخلافات مرة أخرى، مشيراً إلى وجود تدخل تركي من خلف الكواليس، تسبب في إجهاض التوافق على حل للأزمة الليبية.

ويختتم الكزة تصريحاته لافتاً إلى ضرورة العمل بجدية من أجل التوصل إلى قاعدة دستورية، تضمن حقوق الأقاليم التاريخية، وتكفل توزيع الثروات بالتساوي؛ ممّا يأذن ببدء الاستقرار، والانطلاق نحو انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة وشفافة، وعدا ذلك لن يكون هناك أيّ تفاهم أو تقدم في أيّ مساعٍ لحلحلة الأزمة، وستبقى هذه الأجسام جاثمة تمدد نفسها بنفسها، ليدفع المواطن الليبي وحده ضريبة كل هذا التخبط.

مواضيع ذات صلة:

لماذا يرفض إخوان ليبيا تنظيم الانتخابات الرئاسية؟

بعد بيان القيادة العامة للجيش الليبي... هل يسلم الدبيبة السلطة؟

رئيس الأعلى للدولة في ليبيا يستخدم الميليشيات الإخوانية لتمرير التعديل الـ (13)



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية