نازح في غزة لـ"حفريات": حتى السماء لم تكن رؤوفة بنا

نازح في غزة لـ"حفريات": حتى السماء لم تكن رؤوفة بنا

نازح في غزة لـ"حفريات": حتى السماء لم تكن رؤوفة بنا


كاتب ومترجم فلسطيني‎
29/11/2023

روى نازح في غزة، ومسؤول للأونروا في القطاع، المعاناة التي يعيشها أهل القطاع في غمرة الحرب الإسرائيلية. وقالا لـ"حفريات" إنّ الأمطار التي كنا نعتقدها نعمة أصبحت نقمة، حيث يقتلنا البرد وضيق أماكن الإيواء.
وبالرغم من انتظار السكان في قطاع غزة موسم الأمطار بفارغ الصبر من أجل تلطيف السماء الملبدة بغبار الصواريخ ومحاولة منع تفشي الامراض والأوبئة الخطيرة، إلا أنّ الشتاء جاء كضيف ثقيل على مئات الآلاف من النازحين داخل مراكز الإيواء غير المؤهلة للعيش بداخلها خاصة في المناطق الجنوبية من قطاع غزة.
 وتفترش أعداد كبيرة من النازحين ساحات المراكز المكشوفة بسبب تكدس المراكز بأعداد فوق طاقتها الاستيعابية، مع استمرار نزوح المئات من المواطنين من المناطق الشمالية باتجاه جنوب القطاع، والتي يدعي الاحتلال الإسرائيلي أنها مناطق آمنة ولكن الواقع ينفى ذلك. 
ويواصل سكان مدينة غزة والمناطق الشمالية الهرب عبر شارع صلاح الدين نحو جنوب قطاع غزة مشياً على الأقدام لعشرات الكيلو مترات، بسبب استمرار القصف المدمر الذي يطال منازل المواطنين الآمنين ومراكز النزوح التي لجأ إليها السكان بعد تدمير منازلهم، حيث تتكدس تلك المدارس لاسيما في محافظتي خانيونس ورفح، أقصى الجنوب بأعداد هائلة، فيما يعيش النازحين أوضاعاً سيئة مع دخول فصل الشتاء وعدم توفر مساحات لاستيعاب النازحين، عدا عن صعوبة توفير القائمين على إدارة المراكز الأغطية والملابس لحماية النازحين من برد الشتاء.
ازدحام مراكز الإيواء
وترفض مراكز الإيواء التابعة للأونروا جنوب قطاع غزة استقبال اعداد إضافية من المواطنين النازحين من شمال قطاع غزة، بسبب تكدس المدارس التابعة لها بأعداد كبيرة فوق طاقتها الاستيعابية، في حين اتجه النازحون إلى الذهاب للمستشفيات والمقرات الجامعية وافترشوا الطرقات لعدم وجود أماكن تستوعب الكم الهائل، ويزداد الخوف من هذا الواقع مع البرد القارس وتعرض النازحين لأول منخفض ماطر، والذي شرد النازحين ودفعهم إلى دخول منازل المواطنين والتكدس داخل مراكز النزوح الممتلئة، عدا عن تجمع مياه الامطار في الشوارع وبين منازل المواطنين، بسبب تدمير الاحتلال البنية التحتية بما فيها شبكات الصرف الصحي.

سلامة معروف: تنصلت الأونروا من تقديم الدعم اللازم للنازحين في المناطق الشمالية
واستنكر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، خلال تصريحات صحافية على لسان مدير المكتب سلامة معروف، تنصل وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الاونروا من تقديم الدعم اللازم للنازحين في المناطق الشمالية، وترك النازحين بلا طعام وشراب وخدمات إنسانية، يضاف إلى ذلك تنصل الأونروا من استيعاب أعداد النازحين الذين توجهوا إلى المناطق الجنوبية، والتي تعمل الوكالة بحرية داخلها وترفض تقديم الدعم لآلاف النازحين ممن هم في حاجة ماسة وعاجلة لإيوائهم، حيث وصف المكتب هذا الإجراء بأنه يزيد ويكرس من معاناة المواطنين، الذين يتعرضون لمزيد من الضغوط  من جراء الاستهداف والتدمير المتعمد للمدنيين وملاحقتهم في أماكن النزوح وقصفها.

تفترش أعداد كبيرة من النازحين ساحات مراكز الإيواء المكشوفة بسبب تكدسها بأعداد فوق طاقتها الاستيعابية، مع استمرار النزوح من المناطق الشمالية باتجاه جنوب القطاع
 

داخل مدرسة الإسراء التابعة لوزارة التعليم في قطاع غزة، يتكدس قرابة 7 آلاف نازح في ظروف إنسانية صعبة للغاية، حيث إنّ طاقة المدرسة الاستيعابية في الأصل تصل إلى 3 ألاف، لكنّ الزيادة المتصاعدة أفرزت أزمات وكارثة إنسانية خطيرة على النازحين، الذين لا يجدون مكاناً آمناً يحتمون بداخله من برد الليل الشديد وهطول الأمطار، عدا عن الخوف من تفشي الأمراض بين المواطنين المتكدسين، وعدم توفر رعاية صحية ولا حتى أدوية بسبب نفاد المستودعات الطبية من أصناف كبيرة من الأدوية، نتيجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي إغلاق المعابر مع قطاع غزة.
أوضاع صعبة
يقول النازح شريف العوضي من سكان حي النصر غرب مدينة غزة، أجبرت على النزوح من المنطقة برفقة المئات من سكان الحي قسراً ومشياً على الأقدام لقرابة 6 ساعات متواصلة نحو جنوب قطاع غزة، وحين وصلنا إلى أقرب مركز إيواء وجدنا معاناة أسوأ من رحلة التهجير، حيث التكدس غير المسبوق داخل المركز وصعوبة استيعاب القائمين المزيد من النازحين، في معاناة جديدة يصعب الخروج منها في ظل تدفق هجرة سكان الشمال، وعدم وجود بوادر قريبة لإنهاء المعاناة التي أرهقت المدنيين العزل.  
ويوضح لـ"حفريات": اضطررت إلى إنشاء خيمة من القماش من أجل إيواء أسرتي المكونة من أطفال ونساء، بعد رفض المركز توفير غرفة آمنة لنا، لكنّ هذه الخيمة لن تحمينا من الرياح القوية ولا حتى غزارة الأمطار التي تهطل على غزة وزادت من معاناة النازحين، الذين تعرضوا للغرق والتشريد من غرفهم المكونة من القماش والنايلون، وباتوا في حيرة من أمرهم مع غياب سائر الحلول أمامهم.

داخل مدرسة الإسراء التابعة لوزارة التعليم في قطاع غزة، يتكدس قرابة 7 آلاف نازح في ظروف إنسانية صعبة للغاية
ولفت العوضي إلى أن هناك تقصيراً من قبل المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة ولاسيما اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي أبلغت السكان بضرورة النزوح وفق تعليمات إسرائيلية وتركت المواطنين يذهبون لوحدهم دون توفير أي أماكن لاستيعاب الكم الهائل من المواطنين، الذين يتوافدون حتى اللحظة نحو الجنوب مع تصاعد عمليات الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة، ودفع المواطنين تحت القصف العنيف للنزوح قسراً نحو جنوب القطاع.
وبات المشهد داخل مستشفيات جنوب قطاع غزة مقلقاً للغاية، بعد أن لجأ الألاف من النازحين إلى افتراش الأقسام وبين المرضى، في ظل عدم توفر أماكن إيواء وتجنب تعرضهم للقصف الإسرائيلي، الذي يطال منازل مأهولة بالسكان في مناطق واسعة من جنوب قطاع غزة، حيث يشهد مستشفى ناصر في محافظة خانيونس جنوب القطاع مكوث أكثر من 22 ألف نازح داخل أقسام المستشفى، وسط مخاوف من انتشار العدوى بين النازحين داخل المشفى، الذي يعاني من تكدس كبير في أعداد الجرحى وعدم توفر رعاية طبية كاملة بسبب نقص الإمدادات الطبية. 
الأونروا عاجزة
من جهته يقول الناطق باسم الأونروا في غزة عدنان أبو حسنة إنّ الأونروا تواجه صعوبة كبيرة في استيعاب الكم الهائل من النازحين الذين يتوافدون بالمئات يومياً من المناطق الشمالية باتجاه الجنوب، حيث يتركز عمل الأونروا داخل المراكز في جنوب قطاع غزة، بعد تعليمات الجيش منذ بدء العملية على غزة والذي طلب من الأونروا ضرورة الانسحاب جنوباً.

الناطق باسم الأونروا في غزة عدنان أبو حسنة لـ"حفريات": نقدم خدماتنا داخل مراكز الإيواء لقرابة 500 ألف نازح، وهذا العدد يفوق طاقتنا الاستيعابية 

وبيّن أبو حسنة في حديثه لـ"حفريات": تقدم الأونروا خدماتها داخل مراكز الإيواء لقرابة 500 ألف نازح، وهذا العدد فوق الطاقة الاستيعابية بالنسبة للأونروا التي عملت على استيعاب اكبر قدر من النازحين، لكن مع التوافد المتزايد بشكل يومي، تجد الأونروا نفسها عاجزة عن استيعاب أي مواطنين جدد، بسبب التكدس داخل الفصول وعدم توفر مساعدات كافية، نتيجة منع الاحتلال الإسرائيلي تدفق المساعدات بشكل مستمر.
 ويتخوف أبو حسنة من انتشار الأوبئة بين النازحين في جميع مراكز النزوح، نتيجة التكدس الهائل بأعداد النازحين في كل زاوية من مراكز الإيواء، ويزداد الخوف مع دخول فصل الشتاء وانتشار الأمراض التنفسية وبعض الامراض الأخرى والتي قد يصعب تقديم العلاج لها، بسبب توقف عدد كبير من المراكز الصحية عن تقديم الخدمات العلاجية، ونفاد عدد كبير من الأدوية من المستودعات الطبية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية